responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 8


حمل قط كان أخف ولا أيسر منه ، إلى غير ذلك مما تشرفت بنقله عنه .
وأنه وقع حين ولدته ، وقرت عينها إليه بالانتماء - واضعاً يديه بالأرض ، مشيراً بالسبابة ، كالمسبح بها إلى السماء . وليلة ميلاده ، انشق إيوان كسرى حتى سمع صوته ، وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة .
وأرضعته ثويبة التي أعتقها عمه أبو لهب حين بشرته به ، قليلاً ، وكانت تقول : ما رأيته يبكي جوعاً ولا عطشاً قط ، بل كان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربة ، وربما عرضنا عليه الغداء ، فيقول : أنا شبعان .
ثم حليمة ابنة أبي ذؤيب السعدية ، وحملته معها لبني سعد بن بكر رهطها ، ورأت من يمنه وبركته وإنصافه وصلته ، ذهاباً وإياباً ، وأقامته مناماً ويقظةً ، ما انتشر ، ثم رجعت به إلى أمه بعد شق جبريل عليه السلام صدره الشريف وملئه حكمة وإيماناً وهو ابن خمس فأزيد ، تخوفاً عليه فدام معها في كفالة جده ، ولم تلبث أن ماتت في رجوعها - وهو معها صلى الله عليه وسلم - من المدينة ، إذ خرجت به وهو ابن ست سنين . وكانت معها أم أيمن ، بركة الحبشية ، مولاته صلى الله عليه وسلم التي ورثها من أبيه ، وهي دايته وحاضنته معها ثم بعد موتها ، فحملته لجده فكفله حتى مات ودفن بالحجون ، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنين ، وفي غضون كفالته له أبطأ عليه مرة فجزع عليه وارتجز ، وهو طائف بالبيت المعظم بقوله :
يا رب رد راكبي محمداً * رده رب واصطنع عندي يدا فلم يلبث أن جاء فاعتنقه وقال : يا بني لقد جزعت عليك جزعاً لم أجزعه على شيء قط . والله لا أبعثنك في حاجة أبداً .
فكفله بعد موت جده بوصية منه ابنه - أبو طالب - وهو شقيق عبد الله ، فكان أيضاً يحبه حباً شديداً ، لا يحب مثله أحداً من ولده بحيث لا ينام إلا إلى جانبه ، وكان يجلس على وسادته المختصة به ، ويتكئ ، بل ويستلقي عليها ، ويقال له ، ميسر ، ويقول : ان ابن أخي هذا ليحسن من نفسه بنعيم ويخصه دون بنيه بالطعام ، سيما وكان إذا أكل معهم شبعوا ، وإن لم يأكل معهم لم يشبعوا ، ولذا كان إذا أرادوا الأكل أخرهم حتى يجيء ، وإذا جاء فأكل معهم فضل من طعامهم ، فيقول له عمه إنك لمبرك وكانوا يصبحون عمشاً رمصاً ويصبح هو دهيناً كحيلاً . ونشأ صلى الله عليه وسلم أعظم نشأة وأشرفها فشب يكلؤه الله تعالى ويحوطه ويحفظه من أقذار الجاهلية من كل عيب ، فلم يعظم لها صنماً قط ، ولم يحضر مشهداً من مشاهدهم ، مع

8

نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست