نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 13
فبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأنفسهم ، وعلى حرب الأحمر والأسود " أُذِنَ لِلَّذِينَ يقاتلون " الحج وغيرها ، وإنه من وفى فله الجنة ، ومن غشى مما بايعهم عليه ، كان أمره إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه . ثم رجعوا إلى رحالهم ، وقد طابت نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جعل الله له منعة : قوماً أهل حرب وعدة ونجدة ، وقدموا المدينة ، فدعوا إلى الإسلام حتى فشى فيها ، ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين ، لما يعلمون من الخزرج ، فيضيقوا عليهم ، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالون من الشتم والأذى . فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستأذنوه في الهجرة إلى المدينة لإخوانهم من الأنصار ، فأذن لهم ، فخرجوا أرسالاً ، مختفين حتى قدموا على الأنصار في دورهم ، فآووهم ونصروهم وواسوهم . ولما علم المشركون بذلك ، وأنه لم يبق بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر وعلي رضي الله عنهما ، أو مفتون محبوس ، أو مريض ، أو عاجز عن الخروج : خافوا خروج النبي صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا في دار الندوة ، ولم يتخلف أحد من أهل الرأي والحجى ، ليتشاوروا في أمره ، وحضرهم إبليس اللعين ، في صورة شيخ كبير من أهل نجد ، فقيل : يحبس أو ينفى ، فلم يرتض إبليس بواحد منهما . فقال أبو جهل : أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاماً نهداً جلداً ، ثم نعطيه سيفاً صارماً ، فيضربونه ضربة رجل واحد ، فيتفرق دمه في القبائل ، فلا يدري بنو عبد مناف بعد هذا ما يصنعون ، فاستصوبه إبليس . وتفرقوا مجمعين على ذلك ، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه به ، وأمره أن لا ينام فيه . واجتمع الأعداء يتطلعون من صير الباب ، ويرصدونه حتى ينام ، ليحمل عليه بعضهم ، فطلع صلى الله عليه وسلم عليهم ، وهم جلوس عند الباب ، فأخذ حفنة من تراب ، فجعل يذره على رؤوسهم ويتلو يس والقرآن الحكيم - إلى يؤمنون ومضى . فأتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال لهم : قد خبتم وخسرتم إنه والله - مر بكم ، فما ترك منكم رجلاً إلا وضع على رأسه تراباً ، وانطلق لحاجته فخاب ما أملوه ، وأنزل في ذلك " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوْا " الأنفال . وتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم - بعد مكثه من حين النبوة بضع عشرة سنة - للهجرة ، ثم
13
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 13