نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 11
لك حتى تبرأ منه ، أو نعذر فيك . فقال لهم ما بي تقولون ، ولكن الله بعثني رسولاً وأنزل علي كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوا علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم . وأيده الله سبحانه بمعجزة القرآن ، وبانشقاق القمر بالعيان ، وكفاه أمر المستهزئين مع تجارؤهم على العناد ودفع اليقين ، ولو اختار لدمروا وما عمروا ، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يرجو هدايتهم ويتوخى إجابتهم ، ويأبى الله إلا ما أراده . وأذن للنبي صلى الله عليه وسلم - بعد أن عذب بلال ، بحيث اشتراه أبو بكر ، وأعتقه ، وقتلت سمية أم عمار بن ياسر ، بحيث كانت أول قتيل في الإسلام ، وضرب سعد بن أبي وقاص رجلاً من المشركين ، ممن آذاه هو ومن كان يصلي معه بشعب من شعاب مكة ، وعاب صنيعهم بلحي بعير فشجه ، فكان أول دم أهرق في الإسلام - إلى غير هذا من شديد الأذى لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة عند حاكمها أصحمة النجاشي ، فهاجروا وكان ذلك في رجب سنة خمس ، فكانت أول هجرة في الإسلام . فلما علمت قريش باستقرارهم فيها ، وأمنهم عنده ، أرسلوا إليه عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ليردهم إلى قومهم ، فأبى ورجعا خائبين مع كونه لم يكن حينئذ مسلماً ، إنما أسلم في سنة تسع قبيل موته ، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم . ولم يلبث أن رجع المهاجرون ، حين قيل لهم : إن أهل مكة أسلموا ، فلم يجدوا لذلك صحبة ، فكان بعضهم في الجوار ، وبعضهم متخفياً ، وبعضهم لم يدخل مكة . ثم هاجر المسلمون الهجرة الثانية إلى الحبشة ، وأقاموا عند النجاشي على أحسن حال وهم زيادة على مائة من الرجال والنساء . وفشى الإسلام في القبائل ، واجتمعت قريش وائتمروا أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوا منهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم وكتبوه في صحيفة وعلقوها في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع ، فانحاز الهاشميون - غير أبي لهب - والمطلبيون إلى أبي طالب . ودخلوا معه في شعبه ، فأقاموا على ذلك سنين حتى جهدوا ، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سراً ، إلى أن أعلم الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم : إن الأرضة أكلت ما كان فيها من جور وظلم ، ولم يبق منها إلا ذكر الله سبحانه فوجد ذلك كذلك ، وشلت يد كاتبها ، ففرج الله عنهم ، وخرجوا من شعبهم ، وذلك في سنة عشر .
11
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 11