قوله صلَّى الله عليه وآله : " من قال لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنّة ، " فخلوص القلب لله تعالى بالمحبّة ، بأن يكون بحيث لا يبقى فيه شركة لغير الله تعالى ، ومن هذا حاله فالدّنيا سجنه ، لأنّها مانعة له عن مشاهدة محبوبه ، وموته خلاصه من السجن وقدومه على محبوبه . فمحصّل الكلام : أنّ القلب كإناء لا يمتلأ من المحبّة له تعالى إلا إذا أخرج منه حبّ الدنيا ، فحصول المحبّة التامة موقوفة على قطع العلائق ، وإخراج حبّ الدنيا . الثاني : في تحصيل المحبّة وقوّتها وتمكَّنها في القلب ، هو قوة المعرفة لله تعالى واتّساعها واستيلاؤها على القلب ، وحصول المعرفة في القلب بعد تطهيره من الشواغل ، فالمعرفة بمنزلة وضع البذر في الأرض بعد تطهيرها من الحشيش ، فيتولد من هذا النور شجرة المحبّة والمعرفة ، نعم لا بدّ من العمل الصالح فإنّه يرفع القلب الذي فيه المعرفة ، وعن هذا القلب الملئ بالمعرفة يصعد الكلم الطَّيب ، ومنه يرفع العمل الصالح قال تعالى : إليه يصعد الكلم الطَّيب والعمل الصالح يرفعه 35 : 10 [1] . والعمل الصالح يطهّر القلب أولا من الدنيا ، ثم هو مؤثّر في إدامة طهارته وستأتي أحاديث كثيرة دالَّة على دخالة العمل الصالح في تثبيت الإيمان واليقين في القلب وفي تطهيره . ثم إنّ أصل الطهارة - أي إزالة الحجب والأقذار عن القلب . والصفاء أي تصقيل القلب بإزالة الكدورات والصفات الرذيلة والتعلقات الماديّة - لما كان أمرا عدميا أي يرجع إلى الإزالة كما علمت فلا محالة لا يرادان لنفسهما بل لهذه المعرفة . والحاصل : أنّ الطهارة والصفاء لا بدّ منهما في القلب ، لقابلية القلب وتمكَّنه من حصول المعرفة فيه ، هذا كما أن العلم المتعلق بكيفية العمل إنما يراد للعمل الصالح ، فالعمل الصالح يتحقق في ظرف العلم الصحيح ، فلا يخلو العمل من العلم فهو أي