فصارت حجج الله وخلفاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله إلى أن ظهرت بجميع أوصاف ذلك الشأن ، فصارت قائمهم ومظهر أوصافهم . وكلَّهم نور واحد ، وحقيقة واحدة ، واختلافهم في ظهور أوصاف حقيقتهم الأصليّة ، وهي الولاية المطلقة المحمدية ، كما ورد أوّلنا محمّد ، وأوسطنا محمّد ، وآخرنا محمّد ، وكلَّنا محمّد . وبعبارة أخرى : أنه قد علمت أنّ الولاية صفة إلهيّة وشأن من شؤون الذاتيّة وصورتها ومظهرها ، شاملة لجميع ما سوى الله ، وليست إلا العين الثابتة المحمدية صلَّى الله عليه وآله وهي عين واحدة ثابتة في علم الغيب الإلهي ، وإنّما تختلف ظهوراتها العلمية فهي في ذلك الموطن . وإن شئت توضيحه فاسمع ما يقال لك لتصوّر ذلك فنقول : أنت قد تعقل المقدار ، المراد من المقدار تعقل ماهيّة من الماهيّات مبهمة مثلا بعقلك المجرد ، فيصير ذلك المعنى صورة عقليّة مجردة بلا تقدّر وتشكَّل ، ثمّ تتخيّل ذلك المعنى المجرد الكلي بقوتك الخياليّة ، فيصير ذلك المعنى المجرّد صورة مقداريّة فاكتسى المعنى المجرد بالصورة المقداريّة بسبب التخيّل ، وهذا المتقدّر بالصورة هو عين ذلك المعنى المجرد العقلي ، ولست تضيف إليه شيئا ، ولا تسقط منه شيئا فالمعنى الواحد ظهر مرّة مجردة كلية ، ومرّة مجردة جزئيّة ، وليس بينهما اختلاف إلا بالشأن والظهور ، فاجعل ما ذكرناه مرقاة لمعرفة كون العين الواحدة أعيانا متعددة بلا اختلاف في الذات والعوارض . وفي المقام أن العين الثابتة المحمدية عين أوصيائه وخلفائه ، فإذا كانت الولاية واحدة والعين واحدة ، ولا اختلاف إلا في الظهور بالأوصاف الذاتية الكامنة الموجبة لاختلاف الشؤون في المظاهر المتعددة بلا إيجاب ، لتحقّق الاختلاف الذاتي ، فصدق حينئذ قوله عليه السّلام : " أولنا محمد ، وآخرنا محمد ، وأوسطنا محمد ، وكلَّنا محمد " . وحينئذ يرتفع ما يتوهّم من التناقض في قولنا تارة : إن خاتم الولاية المحمدية