غاية الأمر أن السلامة من الآفات في كل مورد يراد منها ما يناسب ذلك المورد ، فموارد الاستعمال مطلقا مصاديق لهذا المعنى العام وهو ( أي السلام ) بما له من معنى السلامة العامة يستعمل في هذه المصاديق المختلفة بنحو الحقيقة . ونحن نذكر بعض مواردها ثم بيان المراد من قوله السلام عليكم في الزيارة . فنقول أولا : ان تحقق معنى السلام أي السلامة من كلّ آفة إما ذاتي في مصداقه وإما عرضي كسبي أو موهبتي . فالأول : هو الله تعالى ، فإطلاق السلام عليه تعالى كما أطلق هو تعالى على نفسه بلحاظ تحقق السلامة فيه ذاتا لا عرضا ، بل هو المعطي لغيره السلامة كما لا يخفى . والثاني : جميع موارد مصاديق السلام المستعمل في غيره تعالى فإنها إنما يتحقق فيه معنى السلام مع اختلاف مواردها ، لكونها تحققت فيها السلامة المخصوص بها على ما أعطاه الله تعالى ، وذلك لأن لازم كون السلامة له تعالى ذاتا ولغيره عرضا ، هو أن المعطى منها في غيره إنما هو بإعطائه تعالى ، فأول مصداق حقيقي للسلام بما له من معنى السلامة الكلية الذاتية الأزلية والأبدية بجميع جهات السلامة هو ذاته المقدس المبرئ من كلّ عيب ونقص ، فالسلام اسم له تعالى بهذا المعنى . ففي توحيد الصدوق قال رحمه الله : ( السلام ) السلام معناه المسلَّم وهو توسع ، لأن السلام مصدر ، والمراد به أن السلامة تنال من قبله ، والسلام والسلامة مثل الرضاع والرضاعة واللذاذ واللذاذة ، ومعنى ثان أنه يوصف بهذه الصفة لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنقص والزوال والانتقال والفناء والموت . . إلخ . أقول : سمى نفسه سلاما بصيغة المبالغة ، لتحقق معنى السلامة بكمالها وحقائقها كما علمت فيه تعالى . وقوله : وهو توسع ، فيه نظر لما علمت من أنه يستعمل في جميع معانيه حقيقة لا مجازا .