ذلك . وبعبارة أخرى : انه كما إذا أراد أحد الدخول على ملك عظيم المنزلة ذي بأس وبطشة فلا محالة يدخل وفي قلبه منه هيبة عظيمة ، فيمشي قليلا فيهيج في قلبه الخوف والهيبة منه فيقف ليتهيأ لحال إمكان الوصول إليه ، فالأمر بالوقوف بعد ثلاثين تكبيرة لهذه الجهات كما لا يخفى ، والله العالم بمراد أوليائه عليهم السّلام . قال عليه السّلام : " ثم ادن من القبر وكبّر الله أربعين تكبيرة " تمام مائة تكبيرة التي بها يحصل رفع الحجب مطلقا ، وتحصل القابلية للمشاهدة والحضور القلبي ، فحينئذ يمكنه توجيه الخطاب إليهم . نعم على قدر دركه عظمتهم ومشاهدته أنوارهم ، ومعرفته بحقائقهم النورية ، التي ظهرت له في تلك الحال وهو حال الوصول إلى مقام العظمة الكبريائية بحيث تأثرت الكبرياء إلى شراشر وجوده حتى إلى بدنه ، وبه يحصل اجتماع المقبول والقابل وذلك مقام الاتصال وهو أخص أحوال الزائر لهم . ولعمري إنها أحسن حال للعبد حيث يرى نفسه في محضر محبوبه ، وعند ساداته ومواليه فيلتذ بما لا يمكن بيانه ، ويرى ما لا يدرك غوره ويستضئ من نورهم ما لا يستقصى توصيفه . ولقد ذكرت هذه الحالات لبعضهم حين تشرفه للزيارة بنحو يبهر العقول ، ويشتاق إليها ذو اللب وأهل المعرفة والميل إلى الوصلة والوصول فهنيئا لهم بما منحهم الله تعالى . ولعمري هذا مقام لا مطمع لأحد في سواه ، ولا مقام أرفع منه في معناه ، رزقنا الله ذلك بمحمد وآله الطاهرين . قال عليه السّلام : ثم قل : " السلام عليكم . " أقول : قد يقال : التعبير بثم الذي هو للتراخي ، مع أنه حينئذ في مقام القرب والوصول غير مناسب له ، فالتراخي بينه وبين السلام لا وجه له ، ولكن يدفعه أن كلمة ثم هذه كأخواتها المتكررة من قبل إنما