وأما وجه أن المثال غير منطبق على المقصود تماما ، وكما ينبغي ، هو أنّ الحديدة والنار موجودان عرضيّان ، والطولية بينهما إنّما هي في وصف الحرارة ، وما يتبعها من الصفات والآثار ، كما لا يخفى هذا ، وأمّا المخلوق أيّا كان إنسانا أو ملكا أو غيرهما ، فنفس ذاته ووجوده من أفعاله تعالى وآثاره ، وأثر الشيء ليس بشيء في قباله ، فأثر الشمس ليس شمسا ، وأثر النّار ليس نارا ، وأثر السراج ليس سراجا ، وصوت الإنسان ليس إنسانا ، فيتخيّل أنّه - أي الأثر - شيء وليس بشيء . وإلى ما ذكر من أن الإنسان وغيره من أفعاله تعالى وآثاره وهو ليس بشيء ، يشير ما ورد في أصول الكافي ، عن الإمام الصادق عليه السّلام في باب صحة إطلاق الشيء على الله تعالى : " وأنه شيء بحقيقة الشيئيّة " فمعناه أن غيره تعالى ليس شيئا موجودا على الحقيقة ، بل بنحو الأثر والفيء . وتوضيحه : أنه قد ثبت في محلَّه أن ذاته تعالى صرف الحقيقة الأصليّة النورية الواحدة بالواحدة الحقّة الحقيقية الإطلاقيّة ، التي لا مقابل لها أصلا ، ولا حدّ لها أصلا ، وهي الحياة الأزليّة التي لا ثاني لها . أما أنّه لا مقابل له ، لأنّ المقابل لا يقبل المقابل ، فيستلزم كونه محدودا ، مع أنّه تعالى لا حدّ له ، كما قال عليه السّلام في جواب من قال : أتوهّمه ؟ قال : " نعم غير معقول ولا محدود " وبه يعرف أنه لا ثاني له بمثله ، مضافا إلى أنّه كلَّما فرض له ثانيا كان نفسه بعينه ولذلك قيل : فما ثمّة شريك له تعالى أصلا ، بل هو لفظ ، أي لفظ الشريك ظهر تحته العدم ، فأنكرته المعرفة بتوحيد الله الوجودي ، أي من عرفه تعالى بالتوحيد الوجودي الواقعي الخارجي الجزئي الذي هو معنون مفهوم الوجود ومحكيّه ، والَّذي ليس له حدّ ولا مقابل ولا ثاني ، كما حقق في محلَّه ، فهذه المعرفة تنكر أن يكون له - أي لهذا الوجود البحت - شريك لا في الخارج ، ولا في الذهن ، فالمفهوم من لفظ الشريك هو العدم ، لا أنّ هناك موجودا هو الشريك المنفي ، بل ليس شيء وإنما هو العدم . وكيف كان ، فوجود الممكنات بأسرها آثار النور الحقيقي وأفعاله ، وذوات