أشرف وأيّها أدون ؟ قال : لا أجيب حتى أسأل جبرئيل عليه السّلام ولما سأله ، قال : لا أجيب حتى أسأل الله عزّ وجل ، فلما نزل قال : ما كنت قريبا من الله قطَّ أقرب منه هذا اليوم ، قال صلَّى الله عليه وآله : كيف كان قربك من الله يا جبرئيل ؟ قال : صرت بحيث لم يكن بيني وبين الحقّ أزيد من سبعين ألف حجاب فسألته ، فقال تبارك وتعالى : خير البقاع مساجدها ، وشرّ البقاع أسواقها . فانظر أيّها المسكين إذا كانت الحجب بين الملك الجليل معلم الأنبياء وبين الله تعالى في غاية دنوّه ، وكمال قربه إليه سبعين ألف ، فكيف يكون بين مثلي ومثلك وبين الرب تعالى ؟ ما للتراب وربّ الأرباب ويحذّركم الله نفسه 3 : 28 [1] . أقول : هذا بالنسبة إلى الملائكة في قربهم إليه تعالى ، ومن هنا تعلم قرب النبيّ والأئمة عليهم السّلام إليه تعالى ، وأنّهم أقرب الخلق من الملائكة وغيرهم إليه تعالى . وإليه يشير ما سيأتي في الشرح من قول الإمام السجاد عليه السّلام : ليس بين الله وبين حجّته ستر ، ولا دونه حجاب ، كما في بصائر الدرجات . ومن قوله عليه السّلام في دعاء رجب : " لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك ، رتقها وفتقها بيدك ، بدؤها منك وعودها إليك ، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتّى ظهر أن لا إله إلا أنت " . إذن ، فليس بينهم عليهم السّلام وبينه تعالى ستر ولا حجاب إلا أنّه ربّ وأنّهم عباد ، وأنّ نورهم يفصل عن نور ربّهم كما تفصل شعاع الشمس منها ، ولهذا البحث كلام عريض وتوضيح لطيف يذكر في محلَّه . هذا وإن شئت أن تصل إلى كعبة المقصود ، فانحر تقرّبا إليه حيوانيّتك ، وأزل عنك وجودك ، وأمط أذى هوّيتك عن الطريق ، فإن الطريق الحقّ لا يحتمل ثقلك فضلا عن أثقالك وأوزارك ، أما علمت أنّ وجودك ذنب لا يقاس به ذنب ؟ أوما دريت أنّ المانع عن ظهور الحقّ لك وجودك ، وأنك أي وجودك وهويّتك ينازعك في شهودك الحقّ ؟ فقل عند بارئك بحقيقة وجودك تضرّعا وخيفة :