الأولياء وقدوة الأصفياء حيث قال : < شعر > أتزعم أنّك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ؟ وأنت الكتاب المبين الَّذي بأحرفه يظهر المضمر < / شعر > وبعبارة أخرى : إنّ الحقّ سبحانه وتعالى جعل العالم الكبير الأول - من حيث الصورة - كتابا جامعا حاملا صور أسماء الحقّ ، ونسب علمه المودع في القلم الأعلى ، وجعل الإنسان الكامل الذي هو العالم الصغير من حيث الصورة كتابا وسطا جامعا بين حضرة الأسماء وحضرة المسمّى ، وجعل القرآن خلقا مخلوقا على صورته ليبيّن به خفيّ سريرته وسرّ صورته ، فالقرآن العزيز هو النسخة الشارحة لصفات الكمال الظاهر بالإنسان من غير اختلال ولا نقصان . وأكمل مصداق لهذا الإنسان هو النبيّ الأعظم وأهل بيته عليهم السّلام ولذا قيل في صفته أي في صفة رسول الله صلَّى الله عليه وآله : " إنه كان خلقه القرآن " ولهذا قال الله تعالى في حقّه صلَّى الله عليه وآله : وإنّك لعلى خلق عظيم 68 : 4 [1] ولكن فليعلم أنّ هذه الحقيقة الإنسانية ، التي علمت كمالها وعلوّها إذا ما كملت بالعلم والعمل ، قد تصير من عجم الحيوانات أنزل وأسفل بواسطة متابعة النفس والشيطان وبسبب اتصافها من فساد علمه وعمله بالكفر والطغيان والعمى والحرمان . قال الله تعالى : ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرا من الجنّ والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يُبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أُولئك كالأنعام بل هم أضلّ 7 : 179 [2] ثمّ إنه ليس يخفى على أحد أنّه ليس المراد من هذا الفقه والبصارة والسّماع ما لا يخلو عنه أحد من الحيوانات التامة الأعضاء والآلات الجسمانية ، بل ما يتعلَّق بجوهر النفس النطقي والقلب الحقيقي فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب