نجا منه وصفا قلبه وما يؤمن أكثرهم با لله إلا وهم مشركون 12 : 106 [1] . ثم إن السالك الطالب ما دام مع نفسه ووجوده فكيف يمكنه الصبر با لله وفي الله ومع الله نعم : إذا توكل على الله فهو حسبه ونعم الوكيل . واعلم : أنّ طلاب الحق طلبوا الحق بالحق فوجدوه ، وطلاب الهوى بالهوى فلم يجدوه ولم يجدوها ولن يجدوه ولن يجدوها ، إذ الراحة لم تخلق في الدنيا كما في الحديث " فما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنّى تصرفون ؟ " . ويشير إلى ما ذكر من أنّ المؤمن الحقيقي من هو منغمر في النور نور وجهه تعالى ما في الخصال في باب الخمسة عن الصادق عليه السّلام : " المؤمن يتقلَّب في خمسة من النور مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومنظره يوم القيامة إلى النور " وما روي عن النبي صلَّى الله عليه وآله من قوله : " إنّ المؤمن أخذ دينه عن الله ، وإنّ المنافق نصب رأيا واتخذ دينه منه " وقوله تعالى : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه 45 : 23 [2] وقوله تعالى : كونوا ربانيين 3 : 79 [3] . ولعمري إنّ المؤمنين بالحقيقة ، والمتقين العابدين المخلصين لله ولرسوله ولأولي الأمر هم الحكماء الربانيون الراغبون عن الدنيا ، وغيرهم عبيد الهوى وعباد الأصنام وأولياء الطواغيت ، وصور الأجسام وأصحاب القبور وسكَّان عالم الدثور وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون أعاذنا الله وإخواننا أينما كانوا من الاغترار بالصور الباطلة وظواهر الآثام ، والركون إلى مراتب أهل الحجاب ومنازل الأشرار ، والتستر بستر التقييد وغشاوة الامتراء ، والشك والانحراف عن المحجة البيضاء . واعلم : أنّ ما ذكر هو خلاصة الآيات القرآنية ، والأحاديث المروية عن أهل
[1] يوسف : 106 . . [2] الجاثية : 23 . . [3] آل عمران : 79 . .