تقسيم آخر للولاية المحمّدية : لا ريب في أنه تعالى متجلّ بأسمائه ، فأيّ عبد تجلى الله في حقيقته وقلبه باسمه ، صار قريبا منه تعالى ، فإذا كان التجلَّي بجميع الأسماء ، فلا محالة يكون العبد أقرب ، وإذا كان ببعض الأسماء ، فالقرب على حسبه ، فالفناء الحاصل للعبد إنما هو بتجلَّي الأسماء فيه كمّا وكيفا ، فحينئذ قد تكون الولاية الخاصة ، التي عرفت معناها مقيّدة باسم من الأسماء وحدّ من حدودها ، وقد تكون مطلقة عن الحدود ، ومعراة عن القيود ، بأن تكون جامعة لظهورات جميع الأسماء والصفات ، واجدة لأنحاء تجلَّيات الذات ، فعليه فالولاية المحمدية صلَّى الله عليه وآله قسمان مطلقة وكليّة من حيث كلَّية روحه ، المسمى بالعقل الأول ، ومن حيث جامعيّته لجميع الظهورات كما علمت ، والثاني مقيّدة وجزئيّة من روحه الجزئيّة المدبّرة لجسده صلَّى الله عليه وآله . وبعبارة أخرى : الولاية المطلقة لم يلاحظ فيها إعمالها في الخلق بل تلاحظ على إطلاقها . وأما المقيّدة فهي بلحاظ إعمالها في مظاهرها الخلقيّة فاعلا ، وهو روحه الجزئيّة المقدّسة صلَّى الله عليه وآله وانفعالا وهو جسده صلَّى الله عليه وآله أو سائر متعلقات ذلك الاسم . ثم أن لكل من المطلقة والمقيّدة درجات ، أما المقيّدة فدرجاتها بالعدّة ، أي بالكيفيّة المختصّة بهذا الاسم ، والكيفيّة هي الحقيقة المعدّة باختلاف مراتبها ، للتصرف في الخلق ، وأما المطلقة فدرجاتها بالشدّة حيث إنها لم يلاحظ فيها إلا نفسها ، فهي من حيث كونها مطلقة وغير محدودة بحدّ ، فلا محالة تكون ذا شدّة ، ولشدّتها مراتب غير متناهية ، كما لا يخفى . واعلم أن ختم الولاية المحمدية صلَّى الله عليه وآله المطلقة مختصّة به صلَّى الله عليه وآله وبأوصيائه الكرام . وأما ختم الولاية المحمدية المقيّدة فقيل : إنه يمكن حصولها لعالم من علماء أمّته صلَّى الله عليه وآله بأن يكون هذا العالم خاتما لولايته المقيّدة ، كسلمان رضي الله عنه وأشباهه .