لا أدري ما هو ، وإنه لمطبوع عليه بطابعه ما أخذ منه شئ إلى يومه هذا ، فأثنى عليها الحسين خيرا ، وقال : بل أدخله عليك حتى تبرئي إليه منه كما دفعه إليك . ثم لقى عبد الله بن سلام ، فقال له : ما أنكرت مالك ، وزعمت أنه لكما دفعته إليها بطابعك ، فادخل يا هذا عليها ، وتوف مالك منها . فقال عبد الله بن سلام : أو تأمر بدفعه إلي جعلت فداك . قال : لا ، حتى تقبضه منها كما دفعته إليها ، وتبرئها منه إذا أدته . فلما دخلا عليها قال لها الحسين : هذا عبد الله بن سلام ، قد جاء يطلب وديعته ، فأديها إليه كما قبضتها منه ، فأخرجت البدرات فوضعتها بين يديه ، وقالت له : هذا مالك ، فشكر لها ، وأثنى عليها ، وخرج الحسين ، ففض عبد الله خاتم بدره ، فحثا لها من ذلك الدر حثوات ، وقال : خذي ، فهذا قليل مني لك ، واستعبرا جميعا ، حتى تعالت أصواتهما بالبكاء ، أسفا على ما ابتليا به ، فدخل الحسين عليهما وقد رق لهما ، للذي سمع منهما . فقال : أشهد الله أنها طالق ثلاثا ، اللهم إنك تعلم أني لم أستنكحها [1] رغبة في مالها ولا جمالها ، ولكني أردت إحلالها لبعلها ، وثوابك على ما عالجته في أمرها ، فأوجب لي بذلك الأجر ، وأجزل لي عليه الذخر إنك على كل شئ قدير ، ولم يأخذ مما ساق إليها في مهرها قليلا ولا كثيرا . وقد كان عبد الله ابن سلام سأل ذلك أرينب ، أي التعويض على الحسين ، فأجابته إلى رد ماله عليه شكرا لما صنعه بهما ، فلم يقبله ، وقال : الذي أرجو عليه من الثواب خير لي منه فتزوجها عبد الله بن سلام ، وعاشا متحابين متصافيين حتى قبضهما الله ، وحرمها الله على يزيد . والحمد لله رب العالمين . وفاة معاوية رحمه الله قال : وذكروا أن عتبة بن مسعود قال : مر بنا نعي معاوية بن أبي سفيان ونحن بالمسجد الحرام . قال : فقمنا فأتينا ابن عباس ، فوجدناه جالسا قد وضع له الخوان ، وعنده نفر . فقلنا : أما علمت بهذا الخبر يا بن عباس ؟ قال : وما هو ؟ قلنا : هلك معاوية . فقال : ارفع الخوان يا غلام ، وسكت ساعة ، ثم قال : جبل تزعزع ثم مال بكلكلة [2] ، أما والله ما كان كمن كان قبله ، ولما يكن بعده مثله . اللهم أنت أوسع لمعاوية فينا وفي بني عمنا هؤلاء لذي لب معتبر ، اشتجرنا بيننا ، فقتل صاحبهم غيرنا ، وقتل صاحبنا غيرهم ، وما أغراهم بنا إلا أنهم