responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 167


فلما جاءه الرسول قال : أجب أمير المؤمنين ، فحسب يزيد أنما دعاه إلى تلك الأمور التي يفزع إليه منها ، ويستعين برأيه عليها ، فأقبل حتى دخل عليه ، فسلم ثم جلس . فقال معاوية : يا يزيد ما الذي أضعنا من أمرك ، وتركنا من الحيطة عليك ، وحسن النظر لك ، حيث قلت ما قلت ، ؟
وقد تعرف رحمتي بك ، ونظري في الأشياء التي تصلحك ، قبل أن تخطر على وهمك ، فكنت أظنك على تلك النعماء شاكرا ، فأصبحت بها كافرا ، إذ فرط من قولك ما ألزمتني فيه إضاعتي إياك ، وأوجبت علي منه التقصير ، لم يزجرك عن ذلك تخوف سخطي ، ولم يحجزك دون ذكره سالف نعمتي ، ولم يردعك عنه حق أبوتي ، فأي ولد أعق منك وأكيد ، وقد علمت أني تخطأت الناس كلهم في تقديمك ، ونزلتهم لتوليتي إياك ، ونصبتك إماما على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم من عرفت ، وحاولت منهم ما علمت ؟ قال : فتكلم يزيد ، وقد خنقه من شدة الحياء الشرق ، وأخضله [1] من أليم الوجد العرق . قال : لا تلزمني كفر نعمتك ، ولا تنزل بي عقابك ، وقد عرفت نعمة مواصلتك ببرك ، وخطوي إلى كل ما يسرك ، في سري وجهري فليسكن سخطك ، فإن الذي أرثى له من أعباء حمله وثقله ، أكثر مما أرثى لنفسي ، من أليم ما بها وشدته ، وسوف أنبئك وأعلمك أمري . كنت قد عرفت من أمير المؤمنين استكمل الله بقاءه ، نظرا في خيار الأمور لي ، وحرصا على سياقها إلى ، وأفضل ما عسيت أستعدله بعد إسلامي المرأة الصالحة ، وقد كان ما تحدث به من فضل جمال أرينب بنت إسحاق وكمال أدبها ما قد سطع وشاع في الناس ، فوقع مني بموقع الهوى فيها ، والرغبة في نكاحها ، فرجوت ألا تدع حسن النظر لي في أمرها ، فتركت ذلك حتى استنكحها بعلها ، فلم يزل ما وقع في خلدي ينمو ويعظم في صدري ، حتى عيل صبري ، فبحت بسري ، فكان مما ذكرت تقصيرك في أمري ، فالله يجزيك أفضل من سؤالي وذكري . فقال له معاوية : مهلا يا يزيد ، فقال : علام تأمرني بالمهل وقد انقطع منها الأمل ؟ فقال له معاوية : فأين حجاك ومروءتك وتقاك ؟ فقال يزيد : قد يغلب الهوى على الصبر والحجا ، ولو كان أحد ينتفع فيما يبتلي به من الهوى يتقاه ، أو يدفع ما أقصده [2] بحجاه ، لكان أولى الناس بالصبر داود عليه السلام ، وقد خبرك القرآن بأمره .
فقال معاوية : فما منعك قبل الفوت من ذكره ؟ قال ما كنت أعرفه ، وأثق به من جميل نظرك ، قال : صدقت ، ولكن اكتم يا بني أمرك بحملك . واستعن بالله على غلبة هواك بصبرك ، فإن البوح به غير نافعك ، والله بالغ أمره ، ولا بد مما هو كائن .



[1] أخضله : بلله .
[2] أقصده : ضره .

167

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست