responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 157


وقلت فيما قلت : متى تكدني أكدك ، فكدني يا معاوية فيما بدا لك ، فلعمري لقديما يكاد الصالحون ، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ، ولا تمحق إلا عملك ، فكدني ما بدا لك ، واتق الله يا معاوية ، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة ، وأخذك بالتهمة ، وإمارتك صبيا يشرب الشراب [1] ، ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعية والسلام .
قدوم معاوية المدينة على هؤلاء القوم وما كان بينهم من المنازعة قال وذكروا أنه لما وجاوب القوم معاوية بما جاوبوه ، من الخلاف لأمره ، والكراهية لبيعته ليزيد ، كتب إلى سعيد بن العاص ، يأمره أن يأخذ أهل المدينة بالبيعة ليزيد ، أخذا بغلظة وشدة ، ولا يدع أحدا من المهاجرين والأنصار وأبنائهم حتى يبايعوا ، وأمره أن لا يحرك هؤلاء النفر ، ولا يهيجهم . فلما قدم عليه كتاب معاوية أخذهم بالبيعة أعنف ما يكون من الأخذ وأغلظه ، فلم يبايعه أحد منهم . فكتب إلى معاوية : إنه لم يبايعني أحد ، وإنما الناس تبع لهؤلاء النفر ، فلو بايعوك بايعك الناس جميعا ، ولم يتخلف عنك أحد . فكتب إليه معاوية يأمره أن لا يحركهم إلى أن يقدم ، فقدم معاوية المدينة حاجا ، فلما أن دنا من المدينة خرج إليه الناس يتلقونه ، ما بين راكب وماش ، وخرج النساء والصبيان ، فلقيه الناس على حال طاقتهم وما تسارعوا به في الفوت والقرب ، فلان لمن كافحه ، وفاوض العامة بمحادثته وتألفهم جهده ، مقاربة ومصانعة ، ليستميلهم إلى ما دخل فيه الناس ، حتى قال في بعض ما يجتلبهم به :
يا أهل المدينة ما زلت أطوى الحزن من وعثاء السفر بالحب لمطالعتكم ، حتى انطوى البعيد ، ولأن الخشن ، وحق لجار رسول الله أن يتاق إليه .
فرد عليه القوم : بنفسك ودارك ومهاجرك ، أما إن لك منهم كإشفاق الحميم البر [2] ، والحفي المتعاهد .



[1] يريد بالصبي ابنه يزيد ومعنى يشرب الشراب أنه يعاقر الخمر وكان يعلن بها ، ويلعب بالكلاب أي يصطاد بها ويسلط بعضها على بعض فتتهارش . فكان همه الشراب والقنص .
[2] الحميم : الصديق ، والبر المخلص في صداقته ، والحفي : القريب الذي يحترم صاحبه ويحتفل به والمتعاهد : الذي يداوم الحفاوة .

157

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست