1 - ان البرهان النظري هو مختص بالكليات ، والعياني للجزئيات 2 - ان النظري يتوسط العقل النظري والعملي ، أما العياني فالنظري والعملي والفطنة . أما كيف أدى الغفلة عن هذا القسم من البرهان إلى انكار الحسن والقبح العقلي فبيانه : انه لو أذعنا بلزوم كون الاعمال برهانية فلا بد من القول بارتكاز الجزئيات على إنها قضايا برهانية والذي يمكنه البرهنة على ان الجزيئات حسنة وحكيمة أما الحسن والقبح أو التشريع ، أي ادراك حسن وكمال الافعال الجزئية يكون بأحد هذين ، والأحكام الشرعية ألطاف في الأحكام العقلية . وبتعبير آخر : ان البرهان العياني يبرهن على ان العمل الجزئي على وفق الحكمة والكمال ، ولا يمكن البرهنة على كل واقعة جزئية إلا بتوسط استناد البرهان إلى قضايا يقينية لا قضايا مشهورة لا أساس لها إلا الاعتبار . فحينئذ يحصل الالتفات إلى أن قضايا العقل العملي والحسن والقبح تكوينية لا مشهورة . - وحينئذ نقول ان التوحيد النظري وحده من دون تنزله إلى توحيد عملي هو توحيد أجوف ، ولا يحصل هذا التنزل من التوحيد النظري إلى التوحيد في الطاعة إلا بالبرهان العياني وقوة الفطنة . ومن هنا أن التوحيد والاعتقاد بالنبوة من دون الولاية لا يقبل : « اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام ديناً » وسيأتي بسط الكلام فيه . فهذه الأمور الثلاثة هي التي سببت الخلط الحاصل لدى ابن سينا وعليه ابتنى اشتباه المتأخرين . بعد اتضاح هذا الخلط التاريخي في مسألة القبح والحسن نعرض للأدلة التي أقيمت على اعتباريتهما ومناقشتها ثم تعرض إلى الأدلة التي ذكرها صدر