الذات جوفاء خالية تتبعها الصفات الكمالية ، بل أن ذلك حتى في فلسفة البشر المشائيين والإشراق فأنهم يخلون الذات من العلم وأنه عبارة عن الصور المرتسمة أو عين الفعل ، بينما يقول الصادق ( عليه السلام ) : ان الذات الإلهية علم لا جهل فيه قدرة لا عجز فيه نور لا ظلمة فيه حياة لا موت فيه . وكذلك كلامهم في التوحيد وتوحيد العبادة وأن مَن عبد الاسم دون المسمى فقد ألحد ، ومَن عبدهما فقد أشرك ، ومَن عبد المسمى دون الاسم فقد وحّد ، ومراده ( عليه السلام ) مطلق مدارج و درجات الاسم ، وهذا من البحوث العرفانية الوعرة التي لم تفتق معرفتها في البشرية قبل ذلك . وكلماتهم في ان الإرادة صفة فعل لا صفة ذات وغيرها من غوامض المعرفة ، مثلا الصحيفة السجادية زبور آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) فإن فيها من دقائق المعرفة والتهذيب للنفس ولطائف السير والسلوك لمَن رام الرياضة وآداب العبودية ، هذا فضلا عما يجده الباحث في ما يبهر الألباب في نهج البلاغة وبقية الروايات عنهم ( عليهم السلام ) . ومنها : الملاحم المذكورة عن كل واحد منهم ( عليهم السلام ) بدءا بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وما أخبر به من ملاحم عديدة في كيفية قتل أصحابه ، وما يجري على شيعته وعلى بقية المسلمين إلى قرون متمادية ، وكذلك ما أخبر به الحسنان عن أعدائهما ، وإخبار الصادق ( عليه السلام ) للمنصور الدوانيقي بوصوله للسلطة وأن بني الحسن لا يصلوا إليها . ومنها : ريادتهم وسبقهم في كل فضيلة وكمال علمي وعملي في الصفة والأخلاق ، ويكفيك التنبيه لذلك إنهم ( عليهم السلام ) من السجاد للعسكريين لم يقوموا بنشاط للإطاحة بالنظام الحاكم من الأمويين والعباسيين ، ومع ذلك كان الحكام على أشد هيبة وخوف منهم ، وكأن أصل وجودهم الحامل لهذه المناقب والفضائل ينادي بحقانيتهم ونصبهم من قبل الباري تعالى . ومنها : ان الأصل في الفكر البشري هو الاختلاف فلا يكاد يكون هناك اثنان يتفقان في طريقة معينة للتفكير ، وهذا بخلاف الفكر السماوي الآتي من السماء حيث يكون واحدا لأنه لا يصطبغ بطبيعة الفرد بل يعبر عن المصدر الواحد ، وهذه