( ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الابصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه وطيب يأخذ الأنفاس عرفه ، لفعل ، ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة ولخفت البلوى فيه على الملائكة ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم ، ونفيا للاستكبار عنهم وإبعادا للخيلاء منهم ) . فهكذا نرى أن آدم لو كان في خلقه مبهرا للعقول لاستجاب له الملائكة لأنه بهرهم لا لأن الله أمرهم بذلك ومن هنا كان امتحان الإمامة أصعب الامتحانات وأشقها حيث يكون المعنى حرفيا فقط دالا عليه وبه يكون التوحيد خالصا حيث لا يكون في اتباع الواسطة سوى حرفيته وآيتيته لله جل وعلا ، فإذا نجح في هذا الامتحان الشاق واستطاع أن يكبح جماح ذاته وأناه فبها ، وإلا لم تنفعه عبادته الماضية كإبليس . ( فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد ، وكان قد عبد الله ستة ألاف سنة ، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة ، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته . كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا ) . ويتبين أن إبليس كان ملكا ، كما يشير إلى ان القانون واحد بين أهل الأرض والسماء وسير الكمال واحد وحكمه واحد . « فاحذروا عباد الله عدو الله أن يعديكم بدائه ، وأن يستفزكم بخيله ورجله ، فلعمري لغد فوق لكم سهم الوعيد ، وأغرق إليكم بالنزع الشديد . . . فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية ، وأحقاد الجاهلية ، فإن تلك الحمية تكن في المسلم من خطرات الشيطان . . . ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم ! الذين تكبروا عن حسبهم وترفعوا فوق نسبهم ، وألقوا الهجينة على ربهم وجاحدوا الله على ما صنع بهم . .