الشهوة والغضب ، واختبارهم يدلل على أنه يفعل ما يفعل عن علم واختيار . ثم إن اختبار التوحيد - وهو اتصاف الباري فقط بالاستقلالية - هو في اتباع ولي الله وهو كما أشرنا إليه مرارا أشق المقامات . ( وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِين فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ ) ) . ويوجد بحث بين الفلاسفة أنه هل لدى الملائكة علوما وصورا مرتسمة أم لا ؟ العلامة الطباطبائي في الميزان والنهاية ينفي ذلك لكن ما في القرآن ( وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) يدلل على أن لديهم نوع من العلم الحصولي ، ويركز الإمام على الصفة الطينية لآدم ، وكذلك اجتماع ( فقعوا ) مع ( السجود ) حيث أن فيه زيادة في الإخضاع . ( اعترضته الحمية ، فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لأصله ، فعدو الله إمام المتعصبين ، وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية وادرع لباس التعزز ، وخلع قناع التذلل ) . فيشير الإمام أن إبليس نازع الله تعالى رداء الكبر الذي لا يحق لأحد إلا له سبحانه واعتقد لنفسه الاستقلال ورفض الانصياع لولي الله ، وخلع قناع التذلل فجحود خليفة الله تعالى وحجته على خلقه جذره ومنشأه كبر في الجاحد واستكبار على أمر الله تعالى ورؤية استقلالية للجاحد في ذاته ، وكانت عاقبته : ( ألا يرون كيف صغّره الله بتكبره ووضعه بترفعه فجعله في الدنيا مدحورا وأعد له في الآخرة سعيرا ) . وهذه هي نتيجة الكفر الإبليسي وعدم الانصياع لأوامر الله تعالى ، وعاقبة من لا ينزل نفسه منزلتها ويرى الأنا دون خالقه .