بد أن يكون لأجل شيء أعلى وهدف أسمى . وهذا الأمر العقلي يتناسب مع ما ذكرنا من ظواهر الآيات القرآنية أن هدف الخلقة ليس هو مجرد اعمار الأرض بل يجب ان يكون أمرا أسمى وأعلى ، وأن المطلوب من الانسان غير الذي هو مطلوب من غيره ، وهذا من باب الكشف الآني . - أشرنا أيضا إلى أن حادثة السجود حضرها جميع الملائكة بدون استثناء والملائكة هي التي تدير الكون بأمر الله تعالى ورتبتها تفوق كثير من المخلوقات ، ومع ذلك فهي تنقاد لخليفة الله فيظهر من ذلك أن الجن وما دون الجن تنقاد أيضا لخليفة الله . الفائدة السابعة عشر : من الأمور التي ركّز عليها في قصة آدم هو مسألة خلق آدم من الطين ، وأن الله عز وجل تعمد إخبار الملائكة بذلك قبل أمرهم بالسجود ، وهذا يدلل على أمر مهم وهو أن الملائكة مع أنهم معصومون إلا أن تكاملهم ورقيهم يتوقف على الامتحان والابتلاء - كما سوف تأتي الإشارة إلى ذلك في الخطبة القاصعة في نهج البلاغة - وذلك بالأمر بالسجود مع علمهم انه مخلوق من طين وهو ليس من جنسهم وهذا فيه تشديد في الابتلاء والامتحان ، وما ذلك إلا لأن الطاعة حينئذ سوف تكون خالصة لله لا شائبة فيها ، فلو كان في خلق آدم مزية على خلق الملائكة وكان له من النور ما يخطف به الابصار لكانت الطاعة مشوبة لا خالصة . وهذا يرشدنا إلى ما يجب أن تكون عليه الواسطة من كونها لمجرد الارشاد والعلامتية والحرفية للذات المقدسة ، وأن لا يرى فيها الانسان شيئا سوى حرفيتها ، ولهذا كان التنبيه الدائم على الطبيعة الأرضية لآدم . فكمال التوحيد وتمامه هو بالائتمام وبه يتم الخلوص في العبادة وهذا ليس شرطا كماليا للعبادة بل يكون شرطا مقوما للتوحيد والعبادة ، حيث يرى أن كل ما