الصوفية من أن المرتاض في سير وسلوك وارتباط بالأرواح الكلية و العوالم العلوية أما في عالم الشهادة فإنه يخطئ في تطبيق تلك الروح المرتبطة بعلي ( عليه السلام ) فيجعل لها مصداقا من آخرين كزيد وعمرو . . . فهو في حقيقة أمره مرتبط الدليل الأول : ضرورة الارتباط بالغيب ومذعن بالعوالم النورية ، مثل ما قد ينسب إلى بعض عرفاء العامة فيرى أنه وصل في سيره وسلوكه إلى الحقائق العلوية ولكنه أخطأ في التطبيق في هذه النشأة . وقد ذكرنا أن هذا الارتباط أيضا غير نافع ، وذلك لأن الحقيقة الانسانية هي أشرف صور المخلوقات الإلهية ومنها يبدأ السير التكاملي والاتصال بالغيب فيجب أن لا يكون دونها كمالا ، وهذا مع ما ذكرناه سابقا يقتضي أن يكون الهادي والرابط بين الأرض والسماء له جنبة بشرية . * نعم يبقى الجواب عن اشكال قد يطرأ على ذهن البعض ; وهو أن الاتصال بالغيب يكفي فيه النبوة فما الحاجة للأئمة ، وبتعبير آخر ما الحاجة إلى الهداية الإيصالية مع وجود الهداية الإرائية ؟ وفي مقام الجواب نشير إلى أن الروايات قد استفاضت أو تواترت على أن للأئمة جنبة تشريعية للأحكام لا بمعنى الاتيان بأصل الشريعة بل هي هداية تشريعية متممة للنبوة والرسالة ، وبيان ذلك من خلال مقدمات : - من المبادئ الأساسية التي تحكم التشريعات والتقنينات على مدى العصور هو مبدأ تدرج القوانين ، وهو يعني أن القانون يبدأ من قواعد كلية وعمومات فوقانية ثم تتدرج إلى قوانين متوسطة حتى تصل إلى القوانين الجزئية التي تطبق على الظواهر الفردية والاجتماعية ، وهذا النحو هو الحاكم على التقنينات الوضعية فترى الدستور ثم القوانين الصادرة من المجالس النيابية ثم القوانين الصادرة من السلطة التنفيذية . وقد أشرنا في بحوث الأصول إلى تماثل الاعتبار الشرعي مع الاعتبار الوضعي على أساس اتحاد لغة التقنين والتشريع .