أما الجهة الثانية : وهو امكان التعبد بالحكم الشرعي الأصولي . ذكرنا سابقا ان الغاية من الحكم الأصولي هي الإرائة ، فهل تحصل الإرائة من الظن ؟ وهذه المسألة تداولها المتأخرون بشكل واف بعد ان تعرض لها الشيخ الأنصاري في رسائله في تنبيهات الانسداد وحكى [1] عن كل من المحقق الطوسي والأردبيلي وتلميذه صاحب المدارك والشيخ البهائي والعلامة المجلسي والمحدث الكاشاني وغيرهم إمكان ذلك ، وحكى [2] عن الشيخ الطوسي كفاية الجزم والظن في الاعتقاد إذا طابق الواقع وإنْ عصى المكلف بترك تحصيل الاعتقاد عن دليل قطعي لأنه واجب مستقل ، وذهب إلى ذلك الميرزا القمي في قوانينه [3] والمحقق الأصفهاني في نهاية الدراية [4] والسيد الخوئي في مصباح الأصول . وقد ذهب الشيخ نفسه إلى إمكانه بحسب مقتضى الصناعة إلا أنه منعه بحسب الوظيفة الشرعية . والسر في ذلك ان اليقين والجزم ليس على درجة واحدة إذ أنه كما ذكرنا يتأثر بدرجة الادراك وبالعوامل النفسية المختلفة ، فلدينا إذعان ينبع من اليقين العلمي واذعان ينبع من الظن الاطمئناني - المتاخم للعلم - ، وهناك اذعان يتولد من تساوي الطرفين ، وذلك فيما دأبت عليه النفس من أخذ الحيطة في المحتملات البالغة الأهمية فلا تراعي درجة الاحتمال ، وإنما تراعي أهمية المحتمَل فيحصل
[1] مبحث الظن / تنبيهات دليل الانسداد / الأمر الخامس اعتبار الظن في أصول الدين والأقوال المستفادة من تتبع كلمات العلماء في هذه المسألة من حيث وجوب مطلق المعرفة . [2] نقله ( رحمه الله ) عن الشيخ الطوسي في ( العدة ) / مسألة حجية اخبار الآحاد وفي آخر العدة . [3] القوانين : 2 / 164 - 220 . [4] نهاية الدراية 2 / 400 - ط مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام ) مبحث الظن دليل الانسداد .