التقريب الثاني : ان السيرة العقلائية والبناء العقلائي جاريان على ان الناس ينتخبون حُكَّامهم بأنفسهم ، ولا يوجد ردع عن هذا البناء العقلائي ، وهي سيرة عقلائية جارية حتى زماننا هذا ، وهي ليست سيرة فحسب بل تقنين مركوز في عالم الاعتبار لدى العقلاء . التقريب الثالث : وحاصله انه قد ثبت أن الناس مسلطون على أموالهم ، والسلطنة على المال فرع من السلطنة على فعل النفس ، فهذا كاف في اثبات سلطنة الناس على أنفسهم ، وقد يقال استدلالا على هذه المقدمة ان الانسان مسلط على نفسه بحكم العقل العملي ، حيث ان الانسان مسلط على نفسه تكوينا فهو مالك لتصرفاته وحركاته وسكناته بيده ومع وجود تلك الملكة التكوينية لا حاجة للاعتبار ، ومن هنا قالوا في الإجارة ان عمل الأجير لا يملكه المؤجر قبل عقد الايجار ، وهذه المقدمة قد يستدل عليها بنحو آخر بالقول ان الله تعالى ذكر ان الرسول أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهو يثبت ولاية الانسان على نفسه في مرتبة سابقة ، غايتها ان الشارع جعل الرسول أولى منه بذلك وهذا خاص بالرسول أو المعصوم ، ومقتضى تسلط كل فرد على نفسه أنه لا يجوز لأحد أن يقهرهم ، وعندما تقام الحكومة لابد من حصول تنسيق بين حريات الافراد المقتضي للحد من اطلاقها ، وهذا التحديد لحرية الفرد يخالف تلك السلطنة المطلقة التي للفرد على نفسه فلابد ان يحصل ذلك بإذنه أو بتوكيل منه . ويرد على هذه التقريبات : أما الأول فإنا مع التسليم بالمقدمات ولكنا نختار من شقوقه نصب الله عز وجل بل نفس لابدية الحكم نستخدمها لقلب الاستدلال لصالح نظرية النص ، حيث أن تعيين الحاكم والقائد من الأمور التي يتحقق بها لطف الله حيث انه يدخل في الهداية ، وهو ألطف بالبشر وأكثر عناية بهم ، وهذا وان كان ينطبق على المعصوم