هناك مائزين جوهريين بين نظريتي النص والشورى : - ان نظرية الشورى تكاد تشترك مع القانون الوضعي من زاوية فصل الدين عن السياسة ، حيث ان الدين لا يقع منهاجاً وتقنيناً للنظام السياسي الحاكم ، لأن النظام المتكامل هو الذي يتكفل بنصب الحاكم وبيان خصائصه وشروطه وامتيازاته ، بخلاف نظرية النص التي تتكفل هذه الجهة وتطرح نظاماً سياسياً تاماً يعتمد على أسا الوراثة الملكوتية والتنصيب والتأهيل السماوي . - ان أصحاب نظرية الشورى يجدون فراغاً كبيراً في التشريع إذ إنهم يعتمدون على ظاهر الكتاب وما ورد عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، أما أصحاب نظرية النص فالتشريع لديهم مستمر عشرات السنين على يد الأئمة المعصومين الذين أثروا الفكر الاسلامي بالتشريعات المناسبة ، وأكملوا مسيرة الرسول الأكرم واستخرجوا كنوز القران الكريم التي لا تفتح للأذهان العادية ولذا يكون اندماج الدين في السياسة واضح وجلي . و - ما ذكر من خلو الكتاب الكريم من النصوص المتعلقة بالسياسة العامة باطل ، لكن قد يقال بأن السياسة ليست هي معرفة تلك الأمور الكلية ، بل هي فن من الفنون قائم على الفصل بين الجزئيات المختلفة التي تحتاج إلى كياسة وخبرة وتجربة والسائس يكون مؤهلاً إذا حصلت لديه تلك الممارسة ، ولذا صنف الحكماء السياسة في باب الحكمة العملية . والجواب عن هذا : - أن السياسة كما لها جانب عملي فإنّ لها جانب نظري أيضاً ، وتحكمه أصول كلية وهذه الأصول الكلية موجودة في الدين ( وقد أوضحنا ذلك مفصلاً في بحث الاعتبار والحسن والقبح ) ثم ان الدين لا يختص بالأمور النظرية العقائدية فقط بل يرتبط بالجانب العملي وفروع الدين تمثل هذا الجانب .