الوثوق والاطمئنان وقد ذكرنا ان البيعة ليست تفويضاً أو توكيلاً بل هي اظهار الالتزام وأخذ العهد والتغليظ . - وهكذا في سيرة الإمام علي ( عليه السلام ) فإنه في كثير من كلماته يشير إلى أحقيته بالخلافة والحكومة ، وأن مماطلته في استلام الخلافة بعد مقتل عثمان لحكمة تتضح لمن له أقل تتبع في التاريخ ، حيث أنه أراد قطع العذر لمن يشق عصا المسلمين والطاعة عليه وحتى لا يكون هناك مجالاً لمن أراد أن ينكث البيعة . - وقد يشكل بما روي عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) من أنه في ليلة العاشر من المحرم قال لأصحابه : وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً . وجوابه : أن الإمام الحسين واجب النصرة لأنه مظلوم فضلاً عن كونه إماماً مفترض الطاعة ، فنصرته لم تجب بالبيعة فقط بل بدونها نصرته واجبة . وقد ذكروا وجوها لهذه المقالة منها انه أراد امتحان أصحابه ليعلم الثابت منهم عن غيره . ومنها : أنه يكون إذن خاص منه ( عليه السلام ) حيث علم أن سوف يستشهد . ومنها : ان أصحابه ليسوا كلهم على درجة واحدة من الثبات ، فلذا تنقل بعض الروايات انه قد ذهب بعض منهم - ولكن يسير جداً - فهؤلاء لم يلزمهم بالبقاء . ومنها : ان الاستشهاد معه ( عليه السلام ) مرتبة لا ينالها إلا من أتي نصيباً وافراً من المعرفة الحقيقية بمقامهم ( عليهم السلام ) ولذا كان هذا التحليل هو لذوي النفوس الضعيفة التي ليس من مقامها الاستشهاد معه ( عليه السلام ) . وهؤلاء كانوا يظنون ان بقاءهم معه ( عليه السلام ) مرتبط ببيعتهم له فعاملهم الإمام ( عليه السلام ) على اعتقادهم . - أما بالنسبة للإمام الصادق ( عليه السلام ) فلقد عرض عليه أبو مسلم الخراساني البيعة ولكن الإمام رفض ذلك وسره واضح لأن أبا مسلم لم يرد تحكيم وتولية الإمام ، وإنما أراد التستر والاستفادة من شخصية الإمام ( عليه السلام ) لأنه يعلم أن التغيير غير ممكن إلا إذا كانت