لو لاحظنا آية سورة النساء لوجدنا إنها ابتدأت بضمير المخاطب ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ ) وفي ذيلها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) وقد تغير الأسلوب إلى الخطاب بالصفة ، وهذا يقرّب ما ورد من الروايات أن المخاطب في الأولى هم ولاة الأمر ، فالإمامة هي أمانة الحكم إلا أن المخاطب بها هم ولاة الأمر . وفي الثانية خطاب إلى عامة الناس لطاعة أولي الأمر . وقد ورد في ذيلها رواية عن الباقر ( عليه السلام ) : « إن إحدى الآيتين لنا والأخرى لكم » وقد ذهب بعض الكتّاب إلى تفسير الرواية ان الآية الأولى هي للناس والثانية للأئمة . وهذا عجيب إذ أن الخطاب في الثانية ب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) وهو خطاب عام ، والآية الأولى وان كان الخطاب فيها عاماً إلا انه لا يعقل توجيهه لكل الناس لأنه ليس وظيفتهم حكم كل الناس ، وواضح أن المخاطب فيها هم الحكّام . وعلى فرض التنزل وان المخاطب في الآية الأولى هم عامة الناس فهي أصرح على نظرية النص حيث يكونون مطالبين بأن يولّوا عمليا ويمكنوا من هو أهل لذلك وهم الواجب طاعتهم . أما بقية الآيات فهي بصدد بيان الأمانة العامة ومطلق التكاليف الفردية منها والاجتماعية ، وليست في صدد التعرض إلى ولاية الأمر بالخصوص . وبعبارة أخرى أن ذيل الآية من لزوم طاعة أولي الأمر المقرونة طاعتهم بطاعة الله وطاعة رسوله - مما يدلل على أنها متفرعة منهما لا من تنصيب الناس - شاهد على أن الأمانة والحكم بين الناس ليس من صلاحية الناس وتنصيبهم لان اللازم على الناس المتابعة والانقياد ، ومن بيده النصب لا يكون تابعاً منقاداً ، فالأمانة عهد الله الذي لا يناله الظالمين كما في سورة البقرة لا العهد من الناس . السنة الإلهية في الحاكمية