من الفقاهة والكفاءة والأمانة والعدالة والضبط وسلامة الحواس إلى غير ذلك من الشروط التي لا تتوفر بنحو الاطلاق والسعة وبنحو الثبات الذي لا تزلزل فيه إلا في المعصوم ( عليه السلام ) ، وكأن ذلك أوْبٌ إلى النص مرة أخرى ، إذ الاشتراط في جذوره تعيين . نعم نصبه ( عج ) للفقهاء كنوّاب بالنيابة العامة قد استفيد من قوله « فارجعوا » الايكال للأمة في اختيار أحد مصاديق النائب العام الجامع للشرائط ولا يعني ذلك أن النصب بالأصالة من الأمة بالذات ، بل منه ( عج ) بالأصالة ومن الأمة بتبع ايكال وتولية المعصوم لها ، كما هو الحال في القضاء والافتاء عند التساوي في الأوصاف . ولا يتوهم ان تولية الأمة ذلك يلزمه امكان توليتها السلطة على نفسها بالأصالة من الله تعالى في اختيار خليفة الله في ارضه ، إذ بين المقامين فيصل فاصل وفاروق فارق ، حيث انه لابد من العصمة في قمة الهرم الإداري للمجتمع دون بقية درجات ذلك الهرم ، إذ بصلاح القمة يصلح مجموع الهيكل . كما لا يتوهم انه حيث لابد للناس من أمير برّ أو فاجر تدار به رحى إدارة النظام الاجتماعي البشري وهذه اللابدية والضرورة العقلية التي نبه عليها علي ( عليه السلام ) في النهج تقتضي تنصيب الأمير على الناس بالذات بالأصالة من دون حديث النيابة عن المعصوم . ووجه اندفاع التوهم : أن الضرورة العقلية تقتصي الزعيم ، أما شرائط كونه أمير برّ لا فاجر هو كون إمارته من تشريع الله تعالى وإذنه إذ الولاية لله تعالى الحق ، والإمارة تجري على يد الفرد البشري المخول منه تعالى في ذلك . ولذلك ترى أن عدة من الفقهاء ( قدس سرهم ) استدلوا بتلك الضرورة في الكشف عن إذنه وتنصيبه للفقهاء باعتبار إنهم القدر المتيقن ، أو غير ذلك من التقريبات المذكورة