الآية ترغيب المؤمنين حين نزولها في الاتصاف بتلك الصفات ، فيكف يلتئم مفاد السلطة الجماعية مع ولاية الرسول ( صلى الله عليه وآله ) المطلقة ، ولذلك ترى أن كثيرا من مفسري العامة فسروا الآية بمعنى الاستشارة واستخراج الرأي لا تحكيم السلطة الجماعية . مناقشة الاستدلال على نظرية التلفيق بين النص والشورى قام بعض المفكرين بمحاولة الجمع بين أدلة التعيين والنصب - ككثير من الآيات القرآنية الدلة على ان الإمامة عهد وجعل إلهي ، وان المنصوب هو علي ( عليه السلام ) وذريته - وبين ما يزعم من مفاد آية الشورى ودلالتها على أن السلطة للأمة ، بأنّ مورد الأدلة الأولى هو مع وجود المعصوم ( عليه السلام ) وتقلده للزعامة الاجتماعية السياسية ، ومورد الثانية هو مع عدم وجوده ( عليه السلام ) كما في زمن الغيبة . وهذا الرأي مردود لأنه ان جعل المدار لسلطة الأمة والشورى عدم تقلد المعصوم الزعامة بالفعل فذلك يعني شرعية سلطة الأمة في الفترة التي كان فيها علي ( عليه السلام ) مبعدا عن السلطة ، وكذلك في فترة ما بعد صلح الحسن ( عليه السلام ) إلى عصر الغيبة ، حيث إنهم ( عليهم السلام ) لم يكونوا متقلدين بالفعل زمام الحكم ، وهذا مناقض لمبدأ النص . وان جعل المدار على وجودهم ( عليهم السلام ) وان لم يتقلدوا زمام الأمور والحكم بالفعل ، فوجودهم لا تخلو منه الأرض « اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه أما ظاهر مشهور أو خائفاً مغمور لكي لا تبطل حجج الله وبيّناته » [1] .
[1] رواه الصدوق في الاكمال بأسانيد مستفيضة عن كميل عن علي ( عليه السلام ) ، وأسانيد أخرى في الخصال والأمالي ، والحديث موجود في النهج وتحف العقول وكتاب الغارات ، بل هذا المضمون روي في أحاديث متواترة في أكثر كتبنا الروائية .