الزعامات الوضعية البشرية حيث تعتمد على لجان وخبرات - مستشارين - [1] في كل حقل ومجال مع عدم إفادة ذلك لدى المدرسة العقلية البشرية ولاية لأفراد تلك اللجان يشاركون فيها ذلك الزعيم . ولذلك عد الفقهاء تلك الروايات المستفيضة أحد أنواع الاستخارة بل أفضلها ، والاستخارة هي طلب الخير لا تولية المشيرين مع المستشير ، فلا يتوهم ان فتح باب الاستشارة والشورى في الرأي لغو إذا لم يكن بمعنى التشريك في الولاية وتحكيم سلطة المستشارين ، إذ أي فائدة أبلغ وأتم من استكشاف الوالي واقع الأشياء وحقائق الأمور عبر مجموع الخبرات والعقول ، واعتماده منهج جمع العلوم إلى علمه ، فان ذلك يصيّره نافذ البصيرة ، سواء كان ذلك على الصعيد الفردي كولاية الفرد على أمواله أو على الصعيد الاجتماعي كولاية الشخص على المجتمع . فمجيء مادة المشورة فيقوله تعالى يعطي هذه التوصية للمؤمنين في التدبير ، بأن يكون البت فيه بعد استخراج الرأي الصائب من العقول المختلفة بالمداولة والمفاوضة مع العقول الآخرى ، أما مَن يكون له الرأي النهائي فليست الآية ففي صدده ، لاختلاف ذلك التعبير مع ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى ) حيث ان اليد هي من أقرب الكنايات عن السلطة ، وكذلك يختلف مع التعبير في قوله تعالى : ( وأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) ، وغيرها من التعبيرات القرآنية والمتعرضة للولاية في الأصعدة المختلفة . ومما يعزز ما تقدم قوله تعالى : ( فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاض مِنْهُمَا وَتَشَاوُر فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) فإنه تعالى ندب إلى التشاور بين الزوجين في رضاعة الطفل مع ان
[1] كالمستشارين العسكريين والماليين والسياسيين والأجتماعيين وغيرهم .