8 - ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَد وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمَّا بِغَمٍّ لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلى مَا فَاتَكُمْ ) . والآية تستمر في بيان حال المسلمين بعد سماعهم لشائعة موت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فإذا هم قد همّوا بالفرار والرسول يناديهم يقول : إلىّ عباد الله ارجعوا أنا رسول الله إلي اين تفرون عن الله وعن رسوله ، مَن يكر فله الجنة . ثم تبين صفة هؤلاء الذين ( يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ) ، وهو الاعتقاد بأن الله لا قدرة له وأن يد الله مغلولة ولا بد من الاستعانة باللات والعزى وهبل فهذا هو اعتقاد الجاهلية . ( قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلّهِ ) وهو مالك كل شيء . فيتضح أن الله قد وبّخ المسلمين في ثلاثة مواضع : 1 - عصيان الرماة لأوامر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وتركهم لمواقعهم . 2 - الفرار عندما أُشيع موت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . 3 - ظن البعض بالله ظن الجاهلية ونسبة العجز إليه جلّ عن ذلك وعلى علواً كبيراً . 9 - ثم يتعرض الحق تعالى لما يقولون ( يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ مَا قُتِلْنَا هاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلُيمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) . وهذا التصريح بأنهم في ساعة الهزيمة كرروا قولهم أن لو كنا في المدينة لكنّا أمنع وأحصن متناسين تقدير الله وقضاءه الذي لا راد له حتى لو كان في أمنع الحصون فهذا ذم لهم على تفكيرهم ، وسوف يرد ذم آخر لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ