فقد يستفاد منها أنه في مورد منطقة الفراغ يكون التشريع بيد الشورى . إلا ان الأمر ليس كذلك بل المشاورة من أجل معالجة الأمر من كافة جوانبه وتبادل الرأي للوصول إلى ما هو الصواب في نفسه لا من جهة نسبته للأكثرية أو شبهها . والزمخشري في ذيل ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) ان الشورى كالفُتيا بمعنى التشاور ، وفي ذيل ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) يعني في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وهي لتستظهر برأيهم . . . ويذكر من فوائده لئلا يثقل على العرب استبداده ( صلى الله عليه وآله ) بالرأي دونهم ، ( فَإِذَا عَزَمْتَ ) يعني قطعت الرأي على شيء بعد الشورى [1] . فالجزم والرأي النهائي يكون للرسول ( صلى الله عليه وآله ) وهو قد يخالف أكثرية الآراء . وما نلاحظه من استدلال العامة بالآيتين على ولاية الشورى بدأ في العصور المتأخرة بكتابات الآلوسي ورشيد رضا وابن الخازن . إذن خلاصة ما يذهب اليه هذا الرأي انه يوجد منحى في فهم هاتين الآيتين غير ما استدل به أصحاب ولاية الشورى ، وأن أوائل المفسرين لم يجعلوا هذه الآية دليلاً على ولاية الشورى . مضافاً إلى أن مبدأ ولاية الشورى يقترب من مبدأ سيادة الأمة ، وهو المصطلح الحديث في النظم السياسية المعبر عن حكم الأمة ، وتدخل الأمة في إدارة شؤونها بنفسها ، وهذا المبدأ من المبادئ الحديثة التي ظهرت في القرنين الأخيرين وما زالت تتدخل فيه يد القانونيين حتى يسدوا الثغرات التي تظهر بين آونة وأخرى ، فلا نجد مظهراً واحداً معبراً عن هذا المبدأ مع أن أغلب دول العالم تتمسك به وان الديمقراطية هي الأساس الذي تستند عليه الدولة الحديثة إلا ان الثغرات والعيوب