- ان هناك سنناً تكوينية جعلها الله عز وجل في طريقة التفكير البشري ، فالعلم وان كان نورا يقذفه الله في قلب الإنسان إلا ان طريقه القذف تعتمد على أحد نحوين : الأول : هي الوصول إلى الاستنتاج عن طريق تهيئة المقدمات والمواد وعبر مراعاة موازين ما يسمى بالمنطق ، وذكرنا إنها معدات تعد الإنسان لكي يفاض عليه النتائج . والآخر : هو التصفية والتخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل والايمان والمعارف ، فيصل الإنسان إلى العلوم الحضورية وهذا مسلك الاشراق والعرفاء . . . فهاتان سنتان تكوينيتان في نيل الفكر والمعرفة الانسانية ، ويضاف إلى هاتين السنتين سنة وطريقة ثالثة وهي الوحي ( الكتاب والسنة ) . وهذه الطرق ليست متقابلة بل يجب الاستعانة بكل منها مع الآخر فإذا استمد الإنسان بالسنتين التكوينيتين دون الوحي فيعني خسران المعارف الهائلة ، وكذلك لا يستفيد تمام وكمال الفائدة من الرافد الأخير إلا بالرافدين الأوليين لأنهما قناتي وطريقي المعارف . - ووجه آخر لبيان العلاقة وهو ان الرياضة العقلية في العلوم العقلية ، والرياضة القلبية في العلوم القلبية العرفانية بالغة الأهمية من حيث كونها معدة للتأهل وخوض الوحي لفهم أسراره . والعمدة التي تدور حولها جميع هذه الأجوبة لبيان العلاقة هو بيان التلازم بين هذه الطرق المختلفة بوضع كل في دوره الموظف له بحيث لا يلغى أحدهما الآخر بل الوصول إلى الحالة الوسطية ، وهذه الوجوه هي لبيان تلك الحالة الوسطية ، ومنها جعل العقل والقلب الحجة الباطنة وجعل الوحي الحجة الظاهرة .