البشرية ، وهذا يدل على أمرين : الأول : وجود واقعية وحقيقة ثابتة تسعى البشرية للوصول إليها . الثاني : عدم إمكان وصول البشرية إلى الإحاطة بتمام تلك الحقيقة الواقعية وان كانت الإصابة النسبية مستمرة وهذا وان لم يزلزل الحقائق المتوصل إليها إلا إنها لا تعني تمام الواقع . وهذان الأمران يستلزمان دوام حاجة البشرية إلى التشريع السماوي والنبوة المحمدية لأن رب الواقعية هو المحيط تماماً بها كما يثبت بذلك عدم إحاطة البشرية بكنه غايات التشريع السماوي والمصالح المخبؤة فيه . ثالثاً : أما جواب ما يدعى من انبعاث الإرادة دوماً من الاعتبار والذي ذهب إليه العلامة الطباطبائي فهو يستدعي ان نلقي نظرة على ما سطره يراعه الشريف في رسالة الاعتبار والتي تعتبر حصيلة البحث الأصولي في ذلك الوقت . تحليل مختصر لنظرية الاعتبار : وملخص ما ذكره العلامة : أ - ان الاعتبار يمثل جانبا من نشاطات العقل العملي ومدركاته وشأناً من شؤونه . ب - ان كل موجود يسعى نحو كماله ، فالفاعل غير الإرادي يوجد له صراط معين يسير فيه ، أما الموجود الإرادي فإنه يسعى نحو كماله من خلال إرادته . ج - ان الفاعل الإرادي في تحريك إرادته يسعى نحو تحقيق ما هو غير موجود ، أما ما هو موجود فلا يسعى لتحصيله كما هو واضح . د - ان الإرادة تنطلق من قضايا غير حقيقية أي لا واقع خارجي فعلي لها ، فلا محالة تكون القضايا اعتبارية وهي التي تولد الإرادة ومن دونها لا يمكن للإرادة ان تنطلق .