وهدايته لها من ستار الغيب كما يظهر من الروايات الكثيرة في هذا المجال . منها : قوله ( عليه السلام ) : إني لا زلت راع لكم ولست بغافل عما يدور حولكم . فضرورة المذهب السائدة ان الفقهاء هم نواب الإمام وشرعيتهم من شرعية الإمام ، لا أن لهم ذلك بالأصالة مع اختلافهم في مساحة تلك النيابة سعة وضيقاً ، وهذه النيابة للفقهاء بالنصب العام لا الخاص لجماعة وأشخاص بخصوصهم ، نعم أوكل أمر تعيين هذا المصداق النائب للأمة ، فهو نوع من التخويل سواء كان هذا الانتخاب بنحو مفرد أو لمجموعة واجدة لشرائط النيابة ، وهذا نظير صلاحية القاضي فإنها استنابة عنه ( عليه السلام ) إلا أنه جعل تعين المصداق بيد المتخاصمين . وهذا المعنى ليس ايكالاً للأمة باختيار القائد بمعنى ان الأمة تختار من ينوب عنها ، بل هو تفويض للأمة في تعيين المصداق من بين هؤلاء العلماء . فما يذكره بعض المتأخرين من ان للفقهاء الولاية بالأصالة في عصر الغيبة مخالف لضرورة من ضروريات المذهب . تاسعاً : سيرة الأئمة ( عليهم السلام ) وقد ذكرت وجوه أخرى للدلالة على الشورى بعضها قد مضى في تضاعيف الاستدلال بالآيات السابقة . 1 - الاستدلال بالسيرة : ان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) والإمام ( عليه السلام ) جرت سيرتم وعملهم على عدم استلام سدة الحكم إلا بعد حصول البيعة ورجوع الناس إليهم وإن الإمام نقل عنه انه يكون وزيراً ومرشداً أفضل من أن يكون أميراً . وأن حكومة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هي حكومة معنوية أقرب منها أن تكون حكومة سياسية . ولذا قيل ان الموروث من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ليس بذاك الحجم الذي يمكن أن يؤسس به دستور لدولة سواء في الجانب القضائي أو التشريعي أو التنفيذي .