العلم الحضوري . ونفس الشيء يقال في أول البديهيات التصديقية وهو استحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما فموضوع القضية اجتماع النقضين ومحمولها هو الامتناع . حيث تقيس النفس بين مفهوم الوجود ونفي الوجود وحيث إن للوجود محكياً ، فترى ان هذا المحكي مع نفي هذا المفهوم لا يجتمعان . من خلال هذا العرض نصل إلى حقيقة في وجود الإنسان هي إنه في اتصاله بعالم المادة يكون عبر قنطرة الصور الحصولية أما اتصاله بالغيب فهو اتصال حضوري مباشر . الجهة الثانية : حول ضابطة حجية المعارف القلبية . قد يتراءى لغوية هذا البحث وذلك لما ذكرناه سابقا من ان المدرَك بالقلب هو عين ومتن الواقع فلا يحتمل الخطأ ، وبالتالي فهو حجة كله ، بل كل ادراكه صدق ، ولكن في الواقع نحن بحاجة إلى هذا البحث وذلك لأن العرفاء أنفسهم في بحث المكاشفات يشيرون إلى ان المكاشفات على اقسام وان الإدراكات الحضورية على درجات ، وأن بعض الأشياء العينية قد تكون من تسويل وتمثلات العيانية من الشياطين أو كون قوى النفس قد اختلقتها . فلا يمكن القول بحجية كل الإدراكات القلبية ، فكما ذكرنا في العلوم الحصولية قد تحصل الحجب والأمراض التي تمنع عن ادراك الحقائق فهنا كذلك تحصل حجب النفس التي تحجب الواقع عن ادراكه - وقد تعرضنا تفصيلا في بحث الرؤية القلبية [1] إلى تصرف الشياطين والجن في
[1] انظر كتاب دعوى السفارة في الغيبة الكبرى - مسألة الرؤية القلبية .