نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 314
في هذه الأيام الأولى وضح منهاجه الدستوري : المساواة في الحقوق . والعدل بين الناس . ومنهاجه الاقتصادي : المساواة في العطاء بين فئات الشعب . ومنهاجه الاجتماعي : ليس في الإسلام شريف ومشروف . ولا أحمر وأسود . ولا عربي وأعجمي ، وإنما أكرم الناس أتقاهم . وكان عدله مع الذين حاربوه أو كفروه أو قتلوه دروسا في الفقه : روى الغزالي في المستصفى أن قضاته استشاروه في شهادة الخوارج بالبصرة فأمر بقبولها كما كانت تقبل قبل خروجهم عليه . لأنهم إنما حاربوا على تأويل . وفي رد شهادتهم تعصب وإثارة خلاف . . حتى قاتله عبد الرحمن بن ملجم نهى عن المثلة به وبالمساواة التي هي خصيصة الإسلام الأولى ، بعد التوحيد ، أهرع أبناء البلاد المفتوحة - من غير العرب - إلى اعتناق الإسلام . ثم اختار كثير منهم الانضمام تحت لواء الشيعة . ولما سادت الدعوة لأهل البيت في خراسان أقبلت جيوشها تقيم دولة الدين على أنقاض بنى أمية وبنى مروان . وكانت تولية " الرضا " من " أهل البيت " والتسوية بين " الموالى والعرب " ، شعار الدولة التي أقامها أبو مسلم الخراساني والتي سرقها بنو العباس من بنى على ، كما أوضحنا قبل [1] .
[1] كان بنو أمية يجعلون للعرب درجة على الموالى - بالعلوج . بل قال جرير : قالوا نبيعكه بيعا فقلت لهم بيعوا الموالى واستغنوا عن العرب والمبرد يقول : ( وتزعم الرواة أن الذي أنفت منه جلة الموالى هذا البيت لأنه حطهم ووضعهم ) . وتزوج أعجمي من عربية من بنى سليم فشكاهما محتسب إلى والى المدينة ( إبراهيم بن هشام صهر الخليفة عبد الملك بن مروان ) ففرق بينهما لعدم الكفاءة . وعزر الزوج لأنه ارتكب جريمة ! بأن ضربه مائتي جلدة ثم حلق لحيته وشاربه . فقالوا عن الوالي : قضيت بسنة وحكمت عدلا ولم ترث الحكومة من بعيد . وإبراهيم بن هاشم خال الخليفة هشام بن عبد الملك . وسأل هشام جليسه في فاتحة القرن الثاني للهجرة عن فقهاء الأمصار . قال : من فقيه المدينة ؟ قال : نافع مولى ابن عمر . قال فمن فقيه أهل مكة ؟ قال : عطاء بن أبي رباح . قال مولى أم عربي ؟ قال : مولى . قال فمن فقيه اليمن ؟ قال : طاوس بن كيسان قال مولى أم عربي ؟ قال : مولى . قال : فمن فقيه أهل اليمامة ؟ قال : يحيى بن أبي كثير قال : مولى أم عربي ؟ قال : مولى قال : فمن فقيه أهل الشام ؟ قال : مكحول قال مولى أم عربي ؟ قال مولى . قال : فمن فقيه أهل الجزيرة ؟ قال : ميمون بن مهران قال مولى أم عربي ؟ قال : مولى . قال فمن فقيه أهل الجزيرة ؟ قال : الضحاك بن مزاحم قال مولى أم عربي ؟ قال مولى . فمن فقيه أهل البصرة ؟ قال : الحسن وابن سبرين . قال : موليان أم عربيان ؟ قال موليان . قال : قال فمن فقيه أهل الكوفة ؟ قال : إبراهيم النخعي قال : مولى أم عربي ؟ قال : عربي . قال : كادت نفسي تزهق ولا تقول واحد عربي . ! ومن هذا التعصب للعرق وتمييز العرب ثار من عدا العرب في خراسان ( ما وراء العراق حتى وسط آسيا ) وأجاء أهل خراسان بنى العباس إلى الخلافة بشعارين يكمل كل منهما الآخر : ( 1 ) إعادة حكم الدين وتولية أهل البيت ( 2 ) مساواة الموالى والعرب . وانطبعت الدولة العباسية في أغلب أمرها . بطابع غير عربي . يقول الجاحظ عن المائة الأولى من عمرها ( دولتهم أعجمية خراسانية . ودولة بنى أمية عربية أعرابية ) . وكان مؤسسو الدولة العباسية يشيرون إلى خراسان على أنها ( باب الدولة ) . وفي خواتيم المائة الأولى حاول الرشيد أن يستعيد مقاليد الأمور من الفرس فكانت مصارع البرامكة . فلم يلبث الفرس إلا سنين حتى قتلت جيوشهم الأمين - العربي الأب و الأم - وجاءوا بالمأمون إلى عرش الخلافة وأمه خراسانية . وشهدت المائة الثانية من عمر الدولة دولا قادمة من خراسان تستقل بممالكها أو تحكم الدولة العباسية كلها : بنى سامان ( 261 - 389 ) يحكمون في الشرق من خراسان من عهد المستعين ( 248 ) والدولة الصفارية في عهد المعتز ( 252 ) ثم بنى بويه ( 324 - 423 ) يحكمون فارس والري وأصفهان والجبل . ولم تنشأ دولة عربية إلا في الموصل وديار بكر وربيعة وهي دولة بنى حمدان ( 317 - 358 ) .
314
نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 314