2 - هارون يعتقد أن التعايش مع الإمام ( عليه السلام ) غير ممكن ! يتساءل الإنسان : ما دام الإمام الكاظم ( عليه السلام ) يزور هارون ويحترمه ويخاطبه بأمير المؤمنين ، ولا يريد الخروج عليه ، فماذا يريد هارون منه ، ولماذا لا يتعايش معه ، ولماذا يعمل على قتله ؟ ! وهذا سؤالٌ لكل الخلفاء العباسيين والأمويين الذين يعتقدون بالأئمة ( عليهم السلام ) ، كما يعتقد هارون بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) ؟ ! وكان جوابهم أنه يستحيل التعايش مع الإمام المعصوم ( عليهم السلام ) لسببين : قوة تأثيره على المسلمين ، والخوف من أن يتغير رأيه بعدم الثورة عليهم في المستقبل ! فقد قال هارون لابنه المأمون : « أسكت لا أم لك ! فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن يضرب وجهي غداً بمائه ألف سيف من شيعته ومواليه ! فقرُ هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم » . ( الإحتجاج : 2 / 165 ) . ولما رأى معجزات الإمام ( عليه السلام ) قال لوزيره البرمكي : « أما ترى ما نحن فيه من هذه العجائب ! ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيراً يريحنا من غمه » ! ( الغيبة للطوسي / 24 ) . ولما سمع قوة حجة هشام بن الحكم ، تلميذ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، قال : « مثل هذا حيٌّ ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف » ! ( كمال الدين / 362 ) . هكذا كان يفكر هارون وقبله خلفاء بني العباس وأمية ، ولا يجب أن يكون تفكيرهم صحيحاً ، لكنه هو الذي حكم مجرى التاريخ !