فالتفت أبو عصمة إلى هارون فقال له : مكانك حتى يجوز ولي العهد ! فقال هارون : السمع والطاعة للأمير ! فوقف حتى جاز جعفر ، فكان هذا سبب قتل أبي عصمة » ( الطبري : 6 / 443 ) . وكانت هذه الأحداث في أوائل سنة 170 هجرية ، وعمر الرشيد 22 سنة . ( الطبري : 6 / 441 ) وَحَكَمَ نحو 23 سنة ، ومات سنة 193 . ( الطبري : 6 / 528 ) . 2 - الفردية المُفْرِطة عند هارون ! 1 - يعتبر عهد هارون قمة الصعود والازدهار المادي للدولة الإسلامية حيث كانت أقوى دولة في عصرها ، في قوتها العسكرية والاقتصادية ، وفي مدنيتها ونهضة العمران والعلوم فيها . لكن ما أن أغمض الرشيد عينيه حتى بدأ عصر الضعف بالحرب بين ولديه ، ومع أن المأمون سيطر وقتل أخاه ، لكن الدولة أخذت بالإنقسام والضعف . 2 - والسبب في هذا المسار النزولي أن تلك الدولة كانت تحمل بذور ضعفها في طبيعة نظامها ، وفي نمط الإدارة الذي يعمل به الخليفة وجهازه ! فقد قام نظام الخلافة على الفردية العنيفة ، واستغلال العامل الديني في اضطهاد المسلم وسلبه حقوقه ، بعيداً عن التقنين ، وعن قيم الإسلام واحترام الإنسان ! وهكذا كان مجتمع العالم كله يومذاك ، الروم والفرس والصين والهند وبقية الشعوب ، كانت أمور مجتمعاتهم ودُوَلهم تقوم على قاعدة العصبة القبلية وقانون الغلبة ، ويخضعون لنظام حكم الفرد الغالب ، والأسرة الغالبة .