وهكذا الشأن فيمن ينتحل شيئاً كالتناسخ والحلول والتشبيه أو غير ذلك ممّا يرجع إلى الكفر عند فِرق المسلمين ، ولكن التهجّم عليهم بالكفر لما ينسب إليهم من الاعتقاد ليس بالأمر السهل ، فإن تكفير من يعترف بالشهادتين لا ينبغي أن يقدم عليه من له حريجة في الدين ، دون أن يعتمد على ركن وثيق وما دمنا في فسحة من ذلك فلا نلج هذا الباب ، ولا نلقي بأنفسنا من شاهق ثمّ نفحص عن سلّم النجاة ، ولا سيّما أن تلك الفِرق التي رميت بالخروج عن ربقة الاسلام الصحيح بانتحالها بعض العقائد الباطلة قد أصبحت في خبر كان ، ولم يبق منها إِلا شواذ لا مقام لهم يلحظ بين أبناء الاسلام ، ولا يخاف من تسرّب معتقداتهم الفاسدة بل أصبحوا يتكتّمون فيما يعتقدون حذراً من سطوة بني الدين في الحجج والبراهين وإبطال ما يدينون به أو نبزهم بالكفر والمروق عن الاسلام . والحذر من سراية ذلك الداء إلى أرباب الجهل أهمّ ما كان لدى الأوائل ممّن قاوم تلك البدع والضلالات بكلّ ذريعة ، ونحن اليوم في أمان من الانخداع بضلالات فِرقهم الحاضرة ، فكيف ببدع هاتيك الفِرق البائدة التي أصبحت دائرة العين والأثر . شبه الإلحاد : إنما الحذر اليوم من سراية شبه الإلحاد ، وشكوك عبدة الدهر وأبناء الطبيعة الذين تسول لهم أنفسهم التخلّص من قيود الدين بكلّ وسيلة ، تلك القيود التي تجعل الانسان في صفوف الملائكة والروحيّين ، وتخرجه عن الوحشيّة الكاسرة ، والشهوات الفاتكة ، كما تجعله في أمان من اعتداء أحد على أثمن ما يجده في هذه الحياة : النفس والعرض والمال ، كما تجعل الناس في أمان منه