كما في الحسن للحسين ، ولمّا كان الرسول صلّى اللّه عليه وآله وارث علم الأنبياء والمرسلين ، وعنده علم الأوّلين والآخرين ، كان أمير المؤمنين واجداً لهذا العلم كلّه ، لقوله صلّى اللّه عليه وآله : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، ولغير ذلك من الأحاديث وآي الكتاب [1] وورث أولاده الأئمة هذا العلم جميعه . ويعتقدون فيهم أيضاً أنهم عبيد للّه سبحانه مخلوقون له ، مرزوقون منه ليس لهم تصرّف في شيء من أمر العباد من حياة أو موت ، وعطاء أو منع وشئ سوى ذلك ، إِلا بإذن منه تعالى على حدّ ما كان عليه النبي صلّى اللّه عليه وآله في شأن الخليقة ، وقد جاء في الكتاب عن عيسى عليه السّلام " ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللّه " . واستدلّوا على ذلك كلّه بالبراهين العقليّة ، وبالأخبار والآثار ، وقد يأتي شيء من هذا طيّ هذا السفر . كما استدلّوا على النصّ عليهم بالخصوص ، بالوارد عن النبي صلّى اللّه عليه وآله من طرق الفريقين من قوله صلّى اللّه عليه وآله : الأئمة من قريش وإنهم اثنا عشر [2] وإنهم من ولد عليّ وفاطمة عليهما السّلام ، وتسميتهم بأسمائهم واحداً بعد آخر . [3] هذا فضلاً عن الاستدلال على الإمامة باللطف ، وانحصارها فيهم لو كان ثمّة
[1] كتبت رسالة عن حديث الثقلين ودلالته على عصمة الأئمة وعلمهم بكلّ شيء ، وقد أخرجتها المطابع ، ورسالة في علم الإمام وكيفيّته وعسى أن نتوفّق لطبعها . [2] مسلم من صحيح جابر ، ومسند أحمد : 5 / 89 و 2 / 29 و 128 ، والصواعق : الفصل الثالث من الباب الأول ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 5 ، إِلى غيرهم . [3] ينابيع المودّة : ص 427 و 430 و 442 ، وكفاية الأثر ، والمقتضب والكنز وغيرها .