الايمان ، بل كان على ايمان جبرئيل وميكائيل ، ورجوا لهؤلاء مرتكبي الكبائر المغفرة ، ولعلّه من هنا سمّوا المرجئة أو من جهة أنّ اللّه تعالى أرجأ تعذيبهم ، من الارجاء - التأخير - أو لتأخيرهم عليّاً عليه السّلام عن الدرجة الأُولى إِلى الرابعة ، كما ينقله الشهرستاني . إِن أقصى ما يمكن استفادته في القول الجامع لفِرق المرجئة هو ما أشرنا إليه ، وهو الذي تفيده كتب الفريقين ، التي تذكر اجتماع الفِرق وافتراق النِّحل . وهل كان أبو حنيفة ونظراؤه من المرجئة الماصريّة [1] وهم مرجئة أهل العراق ، والشافعي والثوري ومالك بن أنس وابن أبي ليلى وشريك بن عبد اللّه ونظراؤهم من المرجئة الذين يسمّون الشكاك ، أو البتريّة ، وهم أهل الحشو والجمهور العظيم المسمّون بالحشويّة ؟ ذلك ما لا نستطيع البتّ به ، لأن كتب الفِرق اختلفت في تلك النسب ، ولم تستند في تحقيق ما تقوله إِلى مصدر صريح لنتعرَّف صحّة الأقاويل ، فإن تعصّب أُولئك المؤلّفين لنِحلهم ومذاهبهم يجعل النِّحل الأُخرى هدفاً لهم ، وساعد على هذه الجناية رجال السلطات الزمنيّة في تلك العصور ، لأنهم إِذا حاولوا ترويج فرقة أو محاربة أُخرى استأجروا لهذا الغرض أقلاماً ومحابر ، وخطباء ومنابر ، فمن هنا قد تضيع الحقيقة على من لا دراية له وتتبّع . ولربما أوقعت تلك المؤلّفات كثيراً من الكتّاب في أشراك الخبط والخلط ، وصفوة القول أن الاعتماد على تلك الكتب في صحّة النسب ليس بالسهل ،
[1] المِلل والنِّحل في هامش الفصل : 1 / 147 في كلامه على المرجئة الغسّانية ، وص 151 في كلامه على رجال المرجئة ، وقد جاء في بعض المناظرات التي جرت مع أبي حنيفة خطابهم له بقولهم : بلغنا عنكم أيها المرجئة ، فلم ينكر أبو حنيفة هذه النسبة إليه ، انظر في ذلك تأريخ الخطيب : 13 / 370 وما بعدها فإنك تجد فيها تفصيل نسبته إِلى الارجاء .