وقع شجار بين مهزم بن أبي بريدة الأسدي الكوفي - وهو من رواة الإمام عليه السلام - وبين أمّه ، وقد جاء بها حاجّاً ، وكان كلامه معها في المدينة وقد أغلظ لها فيه ، فلمّا أصبح ودخل على الصادق عليه السلام ابتدأه قائلاً : يا مهزم مالَك وللوالدة أغلظت لها البارحة ، أوَما علمت أن بطنها منزل سكنته ، وأن حجرها مهد قد مهدته ، وأن ثديها وعاء قد شربته ، فلا تغلظ لها [1] . ودخل عليه رجل فقال له الصادق عليه السلام : تُب إلى اللّه ممّا صنعت البارحة ، وكان الرجل نازلاً بالمدينة في دار وفيها وصيفة أعجبته ، فلمّا انصرف ليلاً ممسياً واستفتح الباب وفتحت له مدَّ يده إلى ثديها وقبض عليه [2] . وقَدِمَ رجل من أهل الكوفة على أهل خراسان يدعوهم إلى ولاية الصادق عليه السلام ، فاختلفوا في الأمر ، فبين مطيع مجيب ، وبين جاحد مُنكر ، وبين مُتورّع واقف ، فأرسلوا من كلّ فِرقة رجلاً إلى الصادق عليه السلام لاستيضاح الحال ، ولمّا كانوا في بعض الطريق خلا واحد منهم بجارية كانت مع بعض القوم ، وعندما وصلوا إلى الصادق عليه السلام عرفوه بالذي أقدمهم ، فقال للمتكلّم وكان الذي وقع على الجارية : من أيّ الفِرق الثلاث أنت ؟ قال : من الفِرقة التي ورعت ، قال عليه السلام : فأين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية ؟ فسكت الرجل [3] .
[1] بصائر الدرجات : 5 / 263 . [2] بصائر الدرجات : 5 / 262 . [3] المناقب ، وبصائر الدرجات : 5 / 265 ، وهو لمحمّد بن الحسن الصفّار القمّي أبي جعفر الأعرج ، وكان وجهاً في القمّيين ثقة عظيم القدر ، قليل السقط في الرواية ، وله كتب كثيرة جليلة ، توفي عام 290 وعدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الحسن العسكري عليه السلام ، وكتابه بصائر الدرجات جليل كبير النفع .