إِن ما تؤمي إليه غير كائن لنا حتّى يتلاعب بها الصبيان من وُلد العبّاس ، فمضى إلى عبد اللّه بن الحسن فدعاه ، فجمع عبد اللّه أهل بيته وَهَمَّ بالأمر ، ودعا أبا عبد اللّه عليه السلام للمشاورة ، فلما حَضر جلس بين السفّاح والمنصور ، وحين استُشير ضرب على منكب السفّاح ، فقال : لا واللّه أو يملكها هذا أوّلاً ، ثمّ ضرب بيده الأخرى على منكب المنصور وقال : وتتلاعب بها الصبيان من وُلد هذا ، ووثب وخرج من المجلس [1] . ودعاه عبد اللّه بن الحسن مرّة أخرى للبيعة لابنه محمّد ، فقال له : إِنَّ هذا الأمر واللّه ليس لك ولا لابنيك ، وإِنمّا هو لهذا - يعني السفّاح - ثمّ لهذا - يعني المنصور - ثمّ لولده من بعده ، ولمّا خرج تبعه أبو جعفر فقال : أتدري ما قلت يا أبا عبد اللّه ؟ قال عليه السلام : أي واللّه أدريه وأنّه لكائن [2] وما أكثر ما أنبأ عن مُلك بني العبّاس . كما أخبر عن مقتل محمّد وإِبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن في مواطن عديدة ، فقد قال يوماً : مروان خاتم بني أميّة ، وإِن خرج محمّد بن عبد اللّه قُتل [3] . وقال لمحمّد يوماً وقد فاخره : فكأني أرى رأسك وقد جيء به ووضع على حجر بالزنابير ، يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا ، فصار محمّد إِلى أبيه فأخبره بمقالة الصادق عليه السلام فقال أبوه : آجرني اللّه فيك ، إِن جعفراً أخبرني أنك صاحب الزنابير [4] .
[1] كتاب الوصيّة للمسعودي : ص 141 . [2] مقاتل الطالبيّين في تسمية المهدي : 255 - 256 ، بحار الأنوار : 47 / 131 . [3] كتاب الوصيّة . [4] أعلام الورى للطبرسي طاب ثراه : 269 ، وهو الفضل بن الحسن بن الفضل من أعيان علماء الإماميّة وهو صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن الذي لم يؤلّف مثله ، وله مؤلّفات أخر جليلة ، توفي ليلة النحر في سبزوار عام 548 .