بدع إِذن لو استطردنا من كراماته ومناقبه ما ينبيك عن علوّ مقامه وسموّ منزلته لديه جلّ شأنه . ولقد ذكر له صاحب مدينة المعاجز ما ينوف على ثلاثمائة كرامة ومنقبة وها نحن أولاء نذكر شيئاً ممّا روته الكتب الجليلة والمؤلّفات القيّمة ، وما اتفق على الكثير منها الفريقان ، وتسالمت عليه الفِرقتان . دعاؤه المجاب يقول الصبّان في " إسعاف الراغبين " : وكان مُجاب الدعوة إذا سأل اللّه شيئاً لا يتمّ قوله إِلا وهو بين يديه ، ويقول الشعراني في " لواقح الأنوار " : وكان سلام اللّه عليه إذا احتاج إلى شيء قال : يا ربّاه أنا محتاج إلى كذا فما يستتمّ دعاؤه إِلا وذلك الشيء بجنبه موضوع . وهذا القول منهما لا يدلّ على استجابة دعائه فحسب بل وعلى سرعة الإجابة ، حتّى لكأنَّ المسؤول عنه كان إلى جنبه أو بين يديه ، وما كان جزم هؤلاء المؤلّفين بإجابة دعائه بسرعة الإجابة إِلا لكثرة ما تناقلته الطروس والسطور وحفظته الصدور من ذلك ، حتّى صار لديهم شيئاً محسوساً وأمراً معلوماً . وممّا ذكروه له عليه السلام ما كان من قصد المنصور له بالقتل مراراً عديدة ، فيحول اللّه تعالى بينه وبين ما عزم عليه ببركة دعائه ، بل ينقلب حاله إلى ضدّ ما نواه وعزم عليه ، فينهض لاستقباله ويبالغ في إِكرامه [1] .
[1] المناقب : 4 / 231 انظر في ذلك نور الأبصار للشبلنجي ، وتذكرة الخواص للسبط ، ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي ، والصواعق المحرقة لابن حجر ، وينابيع المودّة للشيخ سليمان عند إستطرادهم لأحوال الصادق عليه السلام ، إلى كثير سواهم ، وقد ذكرنا ذلك مفصّلاً في محلّه .