بنو العبّاس ساد ظلم الأُمويّين الناس عامّة ، وما اختصَّ بالأبرار ، ولا بعترة المختار صلّى اللّه عليه وآله فمقتهم آخر الأمر أهل السوء كما أبغضهم أهل الصلاح ، فقام الباكيان باكٍ يبكي على دينه وباكٍ يبكي على دنياه ، وصار الناس تتطلّب المهرب من جورهم ، وتريد الخلاص من حكمهم ، كانت أُميّة تهدّد بلاد الاسلام كافّة بأهل الشام ، لأن الشام جندهم الطيّع الذي لا يحيد عن رأيهم ، ولا يتخلّف عن أمرهم ، وبأهل الشام واجتماعهم ملَكَ معاوية مصر والعراق والحجاز ، مع ما في الحجاز والعراق من رجال الرأي والشجاعة الذين كان افتراقهم مطمعاً للشام باجتماعهم ، وما ساق ابن زياد الكوفة على ابن الرسول صلّى اللّه عليه وآله بغير الوعيد بأجناد دمشق والوعد بالمال ، وما تغلّب عبد الملك على العراقين والحرمين واستلبها من آل الزبير إلا بتلك الأجناد ، كانت الشام لا تعرف غير أُميّة للمُلك بل للخلافة ، بل لكلّ دعوة وطاعة وما زالت أُمية مهيمنة على البلاد الوسيعة . حتى إذا اختلف بنو أُميّة بينهم وصار بعضهم يقتل بعضاً اختلف أهل الشام باختلافهم ، وافترقت كلمتهم لافتراق القادة الذين ضلّلوهم وأضلّوا بهم . ولمّا اختلفت كلمة الأُمويّين اشرأبّت الأعناق لسلطانهم ، وطمعت النفوس