بعد تلك الحروب الدامية إلا إقامة للحجّة ، " ليحيى من حيّ عن بيّنة ، ويهلك من هلك عن بيّنة " [1] ولو غلب الكفر على الاسلام لم يتمّ نوره ، ولا قامت حجّته . إنَّ الرسول الأمين جاء للناس بكل فضيلة وسعادة وخُلق كريم وقد وقفوا دون أداء رسالته ، وتنفيذ دعوته ، وما رسالته إلا لخيرهم ، وما دعوته إلا لسعادتهم ، ولأيّ شيء أبت نفوسهم عن الاستسلام لتلك الفضائل غير مخالفتهم لها في السيرة والسريرة دأب البشر في كلّ عصر ، وهل خضع الناس لقبول تلك السعادة إلا بعد أن علا رؤوسهم بالسيف ، وضرب خراطيمهم بالسوط ، وما أسرع ما انقلبوا على الأعقاب بعد انتقاله إلى حظيرة القدس ناكصين عن سنن الطريق ، حين وجدوا مناصاً للعدول " وما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ اللّه شيئاً " [2] . بيد أن الأُمويّة مخّضت عن أفذاذ ثبت الايمان في قلوبهم ، ونهضوا مع الحقّ حرباً للباطل ، ولا عجب فإنه تعالى : " يخرج الحيّ من الميت " [3] ولا شكَّ أن اللعن لا يعمّهم ، والكتاب الكريم يقول : " لا يضرّكم من ضلَّ إذا اهتديتم " [4] " ولا تزر وازرة وزر أخرى " [5] " من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها " [6] " ما على المحسنين من سبيل " [7] . * * *