أصحابه مرازم [1] ومن مواليه مصادف [2] فقال له مصادف : جُعلت فداك إِنما هذا كلب قد آذاك ، وأخاف أن يردك ، وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر ، وأنا ومرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثمّ نطرحه في النهر ، فقال : كيف يا مصادف ، فلم يزل يطلب إليه حتّى ذهب من الليل أكثره ، فأذن له فمضى ، فقال : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتما ؟ قلت : هذا جعلت فداك ، فقال : يا مرازم إِن الرجل يخرج من الذلّ الصغير ذلك في الذلّ الكبير [3] . أقول : لعلّه عَنى من الذلّ الكبير القتل ، والذلّ الصغير الطلب ، والخطاب خطاب إِنكار . هذا بعض ما كان منه ممّا دلّك على ذلك الحلم العظيم ، الذي كان يلاقي به تلك الاعتداءات والمخالفات لقوله ولأمره . عطفه إِن الإمام لا يعرف فرقاً في البِرّ والعطف بين الناس ، فالناس قريبهم وبعيدهم لديه شرع سواء ، وما كلّ من ينيلهم بذلك البِرّ والصِلة في جوف الليل ، ويسعفهم من التمر من عين زياد ، ممّن يرى إِمامته وولاءه ، فالمسلمون كلّهم - لو استطاع - مغرس برّه ، ومنال عطفه . فمن بوادر عطفه ما كان منه مع مصادف مولاه ، فإِنه دعاه فأعطاه ألف دينار ، وقال له : تجهّز حتّى تخرج إلى مصر فإن عيالي قد كثروا فتجهَّز
[1] سيأتي في المشاهير من ثقات رواته . [2] سيأتي في مواليه . [3] روضة الكافي : 8 / 87 / 49 .