" ما يكون من نجوى ثلاثة إِلا هو رابعهم ولا خمسة إِلا هو سادسهم " [1] الآية ، فقال الصادق عليه السّلام في جوابه : هو واحد واحديّ الذات بائن من خلقه ، وبذلك وصف نفسه ، وهو بكلّ شيء محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة ، لا يعزب عنه ذرّة في السماوات ولا في الأرض ، ولا أصغر ولا أكبر ، بالإحاطة والعلم لا بالذات ، لأن الأماكن عنده محدودة تحويها حدود أربعة ، فإذا كان بالذات لزمها الحواية [2] . وأجاب عليه السّلام آخر بأوجز من هذا البيان فقال : من زعم أن اللّه تعالى من شيء فقد جعله محدثاً ، ومن زعم أنه في شيء فقد جعله محصوراً ، ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولاً [3] . وسأله محمّد بن النعمان عن قوله تعالى : " وهو اللّه في السماوات وفي الأرض " [4] فقال الصادق عليه السّلام : كذلك هو في كلّ مكان ، قال : بذاته ؟ قال عليه السّلام : ويحَك إِن الأماكن أقدار فإذا قلت في مكانه بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق علماً وقدرةً وإحاطةً وسلطاناً ، وليس علمه بما في الأرض بأقلّ ممّا في السماء ، لا يبعد منه شيء ، والأشياء له سواء علماً وقدرةً وسلطاناً وملكاً وإحاطةً [5] . وسأله سليمان بن مهران الأعمش [6] بقوله : هل يجوز أن تقول إن اللّه عزّ وجل في مكان ؟ فقال عليه السّلام : سبحان اللّه وتعالى عن ذلك أنه لو كان في مكان لكان محدثاً ، لأن الكائن في مكان محتاج إلى المكان ، والاحتياج
[1] المجادلة : 7 . [2] التوحيد : باب الحركة والانتقال . [3] التوحيد : باب الحركة والانتقال . [4] الأنعام : 3 . [5] بحار الأنوار : 3 / 323 / 20 . [6] سيأتي في المشاهير من الثقات .