ولا بدّ في كلّ زمن من عالم بالقرآن الكريم على ما نزل ، كما يشهد لذلك حديث الثقلين ، ولأن القرآن إِمام صامت وفيه المحكم والمتشابه ، والمجمل والمبيّن ، والناسخ والمنسوخ ، والعامّ والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، إلى غير ذلك ممّا خفي على الناس علمه ، وكلّ فرقة من الاسلام تدّعي أن القرآن مصدر اعتقادها وتزعم أنها وصلت إلى معانيه واهتدت إلى مقاصده وتأتي على ذلك بالشواهد ، فالقرآن مصدر الفَرق بزعم أهل الفِرق ، فمَن هو الحكَم الفصل ليردّ قوله وتفسيره شبه هاتيك الفِرق ، ومزاعم هذه المذاهب ؟ وقد دلّ حديث الثقلين على أن علماء القرآن هم العترة أهل البيت خاصّة ومنهم يكون العالم به في كلّ عصر . وفي عصره عليه السّلام إذا لم يكن هو العالم بالقرآن فمَن غيره ؟ ليس في الناس مَن يدّعي أن في أهل البيت أعلم من الصادق في عهده في التفسير أو في سواه من العلوم . علم الكلام نعني من علم الكلام العلم الذي يبحث عن الوجود والوحدانيّة والصفات وما يلزم هذه المباحث من نبوّة وإِمامة ومعاد ، وبالأدلّة العقليّة المبتنية على أسس منطقيّة صحيحة ، ولا نعني به علم الجدل الذي تاه فيه كثير من الناس لاعتمادهم فيه على خواطر توحيها إليهم نفوس ساقها إلى الكلام حبّ الغلبة في المجادلة ، دون أن يستندوا إلى ركن وثيق أو يأخذوا هذا العلم من معدنه الصحيح . وإِن جاء ذمّ على ألسنة الأحاديث للمتكلّمين فيعني بهم الذين تعلّموا الجدل للظهور والغلبة ولم يستقوا الماء من منبعه ، ولم يعبأوا بما يجرّهم إليه الكلام من لوازم فاسدة ، وأمّا الذين انتهلوه من مورده الروي وبنوه على أسس صحيحة