العلماء وتوقيرهم ، وهكذا كان مجاهداً في تثقيف أتباعه وتهذيبهم وتعليمهم الأخلاق الفاضلة . الحديث عرفت أن الذي روى عنه الحديث أربعة آلاف راوية أو يزيدون وكان التدوين قبل عهده وكثر في أوانه ، وكان الحديث المدوّن عنه في كلّ علم . وكان الشيعة يأخذون عنه الحديث كمن يتلقّاه عن سيّد الرسل صلّى اللّه عليه وآله ، لأنهم يعتقدون أن ما عنده عن الرسول من دون تصرّف واجتهاد منه ، ولذا كانوا يأخذون منه مسلّمين من دون شكّ واعتراض ، ويسألونه عن كلّ شيء يحتاجون إليه فكان حديثه المروي يجمع كلّ شيء . وإذا كان الرواة أربعة آلاف أو أكثر ، فما كان عدد الرواية ؟ ولقد ذكر أرباب الرجال أن أبان بن تغلب وحده روى عنه ثلاثين ألف حديث ، ومحمّد بن مسلم ستة عشر ألف حديث وعن الباقر ثلاثين ألفاً ، ولا تسل عن مقدار ما رواه جابر الجعفي ، فهل يحصى إِذن عدد الرواية ، والفنون المرويّة عنه ؟ ولقد بقي بالأيدي من تلك الرواية بعد ضياع الكثير وإِهمال البعض ما ملأ الصحف والطوامير . وقد جمعت شطراً من تلك الأحاديث التي رويت عنه وعن آبائه وأبنائه في الأخلاق والآداب والأحكام فحسب ، الكتب الأربعة ( الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار ) ثمّ جمعها الملا محسن الفيض الكاشاني [1] .
[1] صاحب التآليف القيّمة الكثيرة ، وقيل إنها قريب من مائة مؤلّف منها كتاب الوافي وفيه شروح جمّة على الأحاديث ، وكتاب الصافي في التفسير ، والشافي مختصره ، والمحجّة البيضاء في إِحياء الأحياء ، والحقائق ملخّصه ، ومفاتيح الشرائع في الفقه ، وعلم اليقين ، وعين اليقين وغيرها توفي عام 1091 .